[ ص: 263 ] النوع السادس : قال الله تعالى : من آياته صلى الله عليه وسلم تأييد الله له بملائكته إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين الآية . وقال تعالى : إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ، وقال تعالى : في الخندق : [ ص: 264 ] إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا . وقال تعالى في حنين : ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين . وقال تعالى في الهجرة : ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا . وقال تعالى في بدر : إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب . وفي الصحيحين واللفظ عن لمسلم عن ابن عباس ، قال : عمر بن الخطاب بدر نظر رسول الله صلى الله عليه [ ص: 265 ] وسلم إلى المشركين ، وهم ألف ، وأصحابه ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا ، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة ، ثم مد يديه ، وجعل يهتف بربه : " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آتني ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض " فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى أسقط رداءه عن منكبيه ، فأتاه فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ، ثم التزمه من ورائه فقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك . فأنزل الله عز وجل : أبو بكر
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين
فأمده الله بالملائكة .
قال أبو زميل : فحدثني قال : بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة [ ص: 266 ] سوط فوقه ، وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم . فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا قد خطم أنفه ، وشق وجهه كضربة بالسوط فاخضر ذلك أجمع ، فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " صدقت . ذلك من مدد السماء الثالثة " فقتلوا يومئذ سبعين ، وأسروا سبعين ابن عباس ، وذكر الحديث . لما كان يوم
وذكر في هذا الحديث البخاري
سيهزم الجمع ويولون الدبر فخرج يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يقول
وقال : حدثني ابن إسحاق عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن [ ص: 267 ] بعض بني ساعدة قال : سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة بعدما أصيب بصره يقول : ، لا أشك ولا أتمارى . فلما نزلت الملائكة ، ورآها إبليس ، وأوحى الله إليهم لو كنت معكم ببدر الآن ومعي بصري لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة
أني معكم فثبتوا الذين آمنوا
وتثبيتهم أن الملائكة تأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه وتقول له : أبشروا فإنهم ليسوا بشيء ، والله معكم ، كروا [ ص: 268 ] عليهم ، فلما رأى إبليس الملائكة نكص على عقبيه ، وقال :
إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون .
وهو في صورة سراقة ، وأقبل أبو جهل يحضض أصحابه ويقول : لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم فإنه على موعد من محمد وأصحابه . ثم قال : واللات والعزى لا نرجع حتى نقرن محمدا وأصحابه في الحبال فلا تقتلوهم ، وخذوهم أخذا .
وفي الصحيحين عن قال : سعد بن أبي وقاص أحد عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن يساره رجلين عليهم ثياب بيض يقاتلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد القتال ، ما رأيتهما قبل ذلك اليوم ، ولا بعده ، ويعني جبرائيل وميكائيل عليهما السلام رأيت يوم
وفي الصحيحين عن قالت : عائشة سعد يوم الخندق [ ص: 269 ] رماه رجل من قريش ( ابن العرقة ) رماه في الأكحل فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد يعوده من قريب فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق ، وضع السلاح فاغتسل فأتاه جبريل عليه السلام ، وهو ينفض عن رأسه الغبار فقال " وضعت السلاح ، والله ما وضعناه ، اخرج إليهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأين ؟ فأشار إلى بني قريظة فقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد ، قال : إني أحكم فيهم أن يقتل المقاتلة ، وأن تسبى الذرية ، والنساء ، وتقسم أموالهم ، وفي بعض طرق أصيب فأتاه البخاري جبريل وقد عصب رأسه الغبار
[ ص: 270 ] وروى عن البخاري قال : أنس بني غنم موكب جبريل صلوات الله عليه حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة
وفي المغازي من غير طريق كأني أنظر إلى الغبار ساطعا في زقاق أن الصحابة رأوا جبريل في صورة وأنه معتم بعمامة أرخى طرفها بين كتفيه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بعثه الله إلى دحية الكلبي ، بني قريظة يزلزل بهم حصونهم ، ويلقي الرعب في قلوبهم
وروى عن البخاري ابن عباس بدر : " هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم
وفي الصحيحين عن أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه [ ص: 271 ] وسلم : عائشة أحد ؟ قال : لقد لقيت من قومك ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم . قال : فناداني ملك الجبال ، وسلم علي ثم قال : يا محمد : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردوا عليك ، وأنا ملك الجبال ، وقد بعثني إليك ربك لتأمرني بأمرك ما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل أرجو أن [ ص: 272 ] يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، ولا يشرك به شيئا " . يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم