الثاني : أن قولكم إن المسلمين بنوا أساس دينهم على رواية عوام من الصحابة من أعظم البهت وأفحش الكذب ، فإنهم وإن كانوا أميين قد بعث الله فيهم رسوله زكاهم وعلمهم الكتاب والحكمة ، وفضلهم في العلم والهدى ، والمعارف الإلهية ، والعلوم النافعة المكملة للنفوس على جميع الأمم ، فلم تبق أمة من الأمم تدانيهم في فضلهم وعلومهم وأعمالهم ومعارفهم ، فلو قيس ما عند جميع الأمم من معرفة وعلم وهدى وبصيرة إلى ما عندهم لم يظهر له نسبة إليه بوجه ما ، وإن كان غيرهم من الأمم أعلم بالحساب والهندسة ، والكم المتصل والكم المنفصل ، والنبض والقارورة والبول
[ ص: 443 ] والقسطة ، ووزن الأنهار ونقوش الحيطان ، ووضع الآلات العجيبة ، وصناعة الكيمياء ، وعلم الفلاحة ، وعلم الهيئة وتسيير الكواكب ، وعلم الموسيقى والألحان ، وغير ذلك من العلوم التي هي بين علم لا ينفع ، وبين ظنون كاذبة ، وبين علم نفعه في العاجلة وليس من زاد المعاد ، فإن أردتم أن الصحابة كانوا عواما في هذه العلوم فنعم إذا ، وتلك شكاة ظاهر عنك عارها .
وإن أردتم أن الصحابة كانوا عواما في العلم بالله وأسمائه وصفاته ، وأفعاله وأحكامه ، ودينه وشرعه وتفاصيله ، واليوم الآخر وتفاصيله ، وتفاصيل ما بعد الموت ، وعلم سعادة النفوس وشقاوتها ، وعلم صلاح القلوب وأمراضها ، فمن بهت نبيهم بما بهته به وجحد نبوته ورسالته التي هي للبصائر أظهر من الشمس للأبصار ، لم ينكر له أن يبهت أصحابه ، ويجحد فضلهم ومعرفتهم ، وينكر ما خصهم الله به وميزهم على من قبلهم ، ومن هو كائن من بعدهم إلى يوم القيامة ، وقد كان
الحواريون الذين نقلوا لأتباع
المسيح معالم دينه ، وسيرة
المسيح لا يعلمون شيئا من ذلك ، حتى من الله
بالمسيح وشاهدوا ما خصه الله به من الآيات وأظهره على يده من المعجزات ، وكمل نفوسهم بالعلوم الإلهية والفضائل النفسانية ، فصاروا يفعلون ما نقله الجم الغفير إلينا عنهم من العجائب ، ويدونون العلوم ، كل ذلك ببركته ، وكذلك هؤلاء ، أعني الصحابة رضي الله عنهم ، وكيف يكونون عواما في ذلك وهم أذكى الناس فطرة ، وأزكاهم نفوسا ، هم يتلقونه غضا طريا ، ومحضا لم يشب عن نبيهم ، وهم أحرص الناس عليه ، وأشوقهم إليه ، وخبر السماء يأتيهم على لسانه في ساعات الليل والنهار ، والحضر والسفر ، وكتابهم قد اشتمل على علوم الأولين والآخرين ،
[ ص: 444 ] وعلم ما كان من المبدأ ، وتخليق العالم ، وأحوال الأمم الماضية ، والأنبياء وسيرهم وأحوالهم مع أممهم ، ودرجاتهم ومنازلهم عند الله ، وعددهم ، وعدد المرسلين منهم ، وذكر كتبهم وأنواع العقوبات التي عذب الله بها أعداءهم ، وما أكرم به أتباعهم ، وذكر الملائكة وأصنافهم وأنواعهم وما وكلوا به واستعملوا فيه ، وذكر اليوم الآخر وتفاصيل أحواله ، وذكر الجنة وتفاصيل نعيمها ، والنار وتفاصيل عذابها ، وذكر البرزخ وتفاصيل أحوال الخلق فيه ، وذكر أشراط الساعة والإخبار بها مفصلا بما لم يتضمنه كتاب غيره من حين قامت الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، كما أخبر به
المسيح عنه من قوله في الإنجيل وقد بشرهم به فقال : وكل شيء أعده الله لكم يخبركم به ، وفي موضع آخر منه : ويخبركم بالحوادث والغيوب ، وفي موضع آخر ويعلمكم كل شيء ، وفي موضع آخر : يحيي لكم الأسرار ويفسر لكم كل شيء وأجيئكم بالأمثال وهو يجيئكم بالتأويل ، وفي موضع آخر : إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ، ولكنكم لا تستطيعون حمله ، لكن إذا جاء روح الحق ذاك يرشدكم إلى جميع الحق ، لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ، ويخبركم بكل ما يأتي ، ويعرفكم جميع ما للأب . فمن هذا علمه بشهادة
المسيح ، وأصحابه يتلقون ذلك جميعه عنه ، وهم أذكى الخلق وأحفظهم وأحرصهم ، كيف تدانيهم أمة من الأمم في هذه العلوم والمعارف ؟
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017931ولقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة الصبح ، ثم صعد المنبر فخطبهم حتى حضرت الظهر ، ثم نزل وصلى ، وصعد فخطبهم حتى حضرت العصر ، ثم نزل فصلى وصعد [ ص: 445 ] وخطبهم حتى حضرت المغرب ، فلم يدع شيئا إلى قيام الساعة إلا أخبرهم به ، فكان أعلمهم أحفظهم . وخطبهم مرة أخرى فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم .
nindex.php?page=treesubj&link=32427وقال يهودي لسلمان : لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة ! قال أجل . فهذا اليهودي كان أعلم بنبينا من هذا السائل وطائفته ! ! .
وكيف يدعى في أصحاب نبينا أنهم وهذه العلوم الناقصة المبثوثة في الأمم على كثرتها واتساعها وتفنن ضروبها إنما هي عنهم مأخوذة ، ومن كلامهم وفتاويهم مستنبطة ، وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس كان من صبيانهم وفتيانهم وقد طبق الأرض علما ، وبلغت فتاويه نحوا من ثلاثين سفرا ، وكان بحرا لا ينزف ، لو نزل به أهل الأرض لأوسعهم علما ، وكان إذا أخذ في الحلال والحرام والفرائض يقول القائل : لا يحسن سواه ، فإذا أخذ في تفسير القرآن ومعانيه يقول السامع : لا يحسن سواه ، فإذا أخذ في السنة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول القائل : لا يحسن سواه ، فإذا أخذ في القصص وأخبار الأمم وسير الماضين فكذلك ، فإذا أخذ في أنساب العرب وقبائلها وأصولها وفروعها فكذلك ، فإذا أخذ في الشعر والغريب فكذلك .
[ ص: 446 ] قال
مجاهد : العلماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال
قتادة في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ، قال : هم أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم .
ولما حضر
معاذا الموت قيل له : أوصنا ، قال : أجلسوني ، فأجلسوه فقال : إن الإيمان والعلم بمكانهما ، من اتبعهما وجدهما ، التمسوا العلم عند أربعة رهط : عند
nindex.php?page=showalam&ids=4عويمر أبي الدرداء ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017932إنه عاشر عشرة في الجنة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق السبيعي ، قال
عبد الله : علماء الأرض ثلاثة ، رجل
بالشام ، وآخر
بالكوفة ، وآخر
بالمدينة . فأما هذان فيسألان الذي بالمدينة ، والذي بالمدينة لا يسألهما عن شيء .
[ ص: 447 ] وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه ورضي عنه : حدثنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : عن أيهم ؟ قالوا : عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال
nindex.php?page=treesubj&link=31689_31691قرأ القرآن وعلم السنة ثم انتهى وكفاه بذلك ، قالوا : فحدثنا عن
حذيفة ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=31571أعلم أصحاب محمد بالمنافقين ،
nindex.php?page=treesubj&link=31482قالوا : فأبو ذر ؟ ، قال : كنيف ملئ علما ، قالوا :
فعمار ؟ ، قال : مؤمن نسي إذا ذكرته ذكر ،
nindex.php?page=treesubj&link=31703خلط الله الإيمان بلحمه ودمه ، ليس للنار فيه نصيب ، قالوا :
فأبو موسى ؟ ، قال : صبغ في العلم صبغة ، قالوا :
فسلمان ؟ ، قال : علم العلم الأول والآخر ، بحر لا ينزح ، منا أهل البيت ، قالوا : فحدثنا عن نفسك يا أمير المؤمنين ؟ ، قال : إياها أردتم ، كنت إذا سألت أعطيت ، وإذا سكت ابتدئت .
وقال
مسروق : شافهت أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم ينتهي إلى ستة ، إلى :
علي ،
وعبد الله ،
وعمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، ثم شافهت الستة فوجدت علمهم ينتهي إلى
علي ، وعبد الله .
وقال
مسروق : جالست أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا كالأخاذ ، الأخاذ يروي الراكب ، والأخاذ يروي الراكبين ، والأخاذ يروي العشرة ، لو نزل به أهل الأرض
[ ص: 448 ] لأصدرهم ، وإن
عبد الله من ذلك الأخاذ .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017933بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه ، حتى أرى الري يخرج من أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر ، فقالوا : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : العلم .
وقال
عبد الله : إني لأحسب أن
عمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم . وقال
عبد الله : لو أن علم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وضع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان : كأن علم الناس مع علم
عمر دس في جحر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : قضاة هذه الأمة أربعة :
عمر وعلي وزيد وأبو موسى . وقال
قبيصة بن جابر :
nindex.php?page=treesubj&link=31207ما رأيت رجلا قط أعلم بالله ولا أقرأ لكتاب الله ولا أفقه في دين الله من عمر .
[ ص: 449 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=1017934وقال علي : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن ليس لي علم بالقضاء ، فقلت : إنك ترسلني إلى قوم يكون فيهم الأحداث وليس لي علم بالقضاء ، قال فضرب في صدري وقال : إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك ، قال : فما شككت في قضاء بين اثنين بعد .
وفي الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : كنت أرعى غنما
لعقبة بن أبي معيط ، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر ، فقال لي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017935يا غلام هل من لبن ؟ ، قلت : نعم ، ولكني مؤتمن ، قال : فهل من شاة لم ينزو عليها الفحل ؟ ، قال فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء ، فشرب وسقى أبا بكر ، ثم قال للضرع : اقلص فقلص ، قال : فأتيته بعد هذا ، فقلت : يا رسول الله علمني من هذا القول ، فمسح رأسي ، وقال : يرحمك الله ، إنك عليم معلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر : ما أرى أحدا أعلم بما أنزل على
محمد صلى الله عليه وسلم من
عبد الله ، فقال
أبو موسى : إن تقل ذلك فإنه كان يسمع حين لا نسمع ، ويدخل حين لا ندخل .
وقال
مسروق : قال
عبد الله : ما أنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيما أنزلت ، ولو أني أعلم
[ ص: 450 ] أن رجلا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل والمطايا لأتيته ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16423عبد الله بن بريدة في قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=16حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا قال : هو
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود .
وقيل
لمسروق :
nindex.php?page=treesubj&link=31374كانت عائشة تحسن الفرائض ؟ قال : والله لقد رأيت الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض .
وقال
أبو موسى : ما أشكل علينا - أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا
عائشة إلا وجدنا منه علما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل نظروا إليه هيبة له .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب :
أبو ذر وعى علما ، ثم وكى عليه فلم يخرج منه شيء حتى قبض .
وقال
مسروق : قدمت
المدينة فوجدت
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت من الراسخين في العلم ،
[ ص: 451 ] ولما بلغ
nindex.php?page=showalam&ids=4أبا الدرداء موت
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : أما إنه لم يخلق بعده مثله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء : إن من الناس من أوتي علما ولم يؤت حلما ،
nindex.php?page=showalam&ids=75وشداد بن أوس ممن أوتي علما وحلما .
ولما مات
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قام
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على قبره وقال : هكذا يذهب العلم .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017936وضم رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقال : اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنيفية لما مات
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لقد مات رباني هذه الأمة .
وقال
عبد الله بن عتبة بن مسعود : ما رأيت أحدا أعلم بالسنة ولا أجلد رأيا ولا أثقب نظرا حين ينظر من
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
[ ص: 452 ] وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يقول له : قد طرأت علينا عضل أقضيته أنت لها ولأمثالها ثم يقول
عبد الله :
وعمر عمر في جده وحسن نظره للمسلمين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح : ما رأيت مجلسا قط أكرم من مجلس
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أكثر فقها وأعظم جفنة ، إن أصحاب الفقه عنده ، وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده ، يصدرهم كلهم في واد واسع .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يسأله مع الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيده الله علما وفقها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : لو أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بلغ أسناننا ما عشره منا رجل . أي ما بلغ عشره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما سألني أحد عن مسألة إلا عرفت أنه فقيه أو غير فقيه ، وقيل له : أنى أصبت هذا العلم ؟ قال : بلسان سئول ، وقلب عقول ، وكان يسمى البحر من كثرة علمه .
[ ص: 453 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : أدركت نحو خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر لهم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس شيئا خالفوه لم يزل بهم حتى يقررهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : كان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إذا رأيته قلت : أجمل الناس ، فإذا تكلم قلت : أفصح الناس ، فإذا حدث قلت : أعلم الناس .
وقال
مجاهد : كان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه النور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : كانوا يرون أن الرجل الواحد يعلم من العلم ما لا يعلمه الناس أجمعون .
قال
ابن عون : فكأنه رآني أنكرت ذلك ، قال : فقال : أليس
أبو بكر كان يعلم من العلم ما لا يعلمه الناس ، ثم كان
عمر يعلم ما لا يعلمه الناس ؟ .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : لو
nindex.php?page=treesubj&link=31207وضع علم أحياء العرب في كفة وعلم عمر في كفة [ ص: 454 ] لرجح بهم علم عمر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : فذكروا ذلك
لإبراهيم ، فقال : قال :
عبد الله ؟ إن كنا لنحسبه قد ذهب بتسعة أعشار العلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : ما أعلم أحدا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم من
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : قضاة الناس أربعة :
عمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري . وكانت
عائشة رضي الله عنها مقدمة في العلم بالفرائض والسنن والأحكام والحلال والحرام والتفسير .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير : ما جالست أحدا قط أعلم بقضاء ولا بحديث الجاهلية ولا أروى للشعر ولا أعلم بفريضة ولا طب ، من
عائشة رضي الله عنها .
وقال
عطاء : كانت
عائشة أعلم الناس ، وأفقه الناس .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه : روى العلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ثمانمائة رجل ما بين صاحب
[ ص: 455 ] وتابع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب
محمد خير قلوب العباد ، فاصطفاه وبعثه لرسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب
محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلوا وزراء نبيه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، قال : هم أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وقد
nindex.php?page=treesubj&link=28811_28812أثنى الله على الصحابة في التوراة والإنجيل والقرآن ، وسبق لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم .
وقال
أبو حنيفة : إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين ، وإذا جاء عن الصحابة نختار من قولهم ولم نخرج عنه .
وقال
ابن القاسم : سمعت
مالكا ، يقول : لما دخل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
الشام ، نظر إليهم رجل من أهل الكتاب ، فقال : ما كان أصحاب
عيسى ابن مريم الذين قطعوا بالمناشير وصلبوا على الخشب بأشد اجتهادا من هؤلاء .
[ ص: 456 ] وقد شهد لهم الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى بأنهم
nindex.php?page=treesubj&link=28811_30235خير القرون على الإطلاق .
كما شهد لهم ربهم تبارك وتعالى بأنهم خير الأمم على الإطلاق . وعلماؤهم وتلاميذهم الذين ملئوا الأرض علما ، فعلماء الإسلام كلهم تلاميذهم وتلاميذ تلاميذهم وهلم جرا .
وهؤلاء الأئمة الأربعة الذين طبق علمهم الأرض شرقا وغربا ، تلاميذ تلاميذهم وخيار ما عندهم ما كان من الصحابة ، وخيار الفقه ما كان منهم ، وأوضح التفسير ما أخذ عنهم .
وأما كلامهم في باب معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وقضائه وقدره ففي أعلى المراتب ، فمن وقف عليه وعرف ما قالته الأنبياء عرف أنه مشتق منه مترجم عنه ، وكل علم نافع في الأمة فهو مستنبط من كلامهم ومأخوذ عنهم ، وهؤلاء تلاميذهم وتلاميذ تلاميذهم قد طبقت تصانيفهم وفتاويهم الأرض . فهذا
مالك جمعت فتاويه عدة أسفار ،
وأبو حنيفة كذلك ، وهذه تصانيف
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه تقارب المائة ، وهذا الإمام
أحمد بلغت فتاويه وتآليفه نحو مائة سفر ، وفتاويه عندنا في نحو عشرين سفرا ، وغالب تصانيفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين ، وهذا علامتهم المتأخر شيخ الإسلام
ابن تيمية جمع بعض أصحابه فتاواه في ثلاثين مجلدا ورأيتها في الديار المصرية ، وهذه تآليف أئمة الإسلام التي لا يحصيها إلا الله ، كلهم من أولهم إلى آخرهم
nindex.php?page=treesubj&link=30231_28811يقر للصحابة بالعلم والفضل ، ويعترف بأن علمه بالنسبة إلى علومهم كعلومهم بالنسبة إلى علم نبيهم .
[ ص: 457 ] وفي الثقفيات حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد ، عن
سعيد بن عبد الرحمن المعافري ، عن أبيه : أن
كعبا رأى حبر اليهود يبكي ، فقال له : ما يبكيك ؟ قال : ذكرت بعض الأمر ، فقال
كعب : أنشدك الله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني ؟ قال : نعم ، قال أنشدك الله : هل تجد في كتاب الله المنزل أن
موسى نظر في التوراة فقال : رب إني أجد
nindex.php?page=treesubj&link=30231خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلون أعور الدجال ، فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة
أحمد يا
موسى ؟ قال الحبر : نعم .
قال
كعب : فأنشدك الله هل تجد في كتاب الله المنزل أن
موسى نظر في التوراة فقال : يا رب ، إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون إذا أرادوا أمرا قالوا : نفعله إن شاء الله ، فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة
أحمد يا
موسى ؟ قال الحبر : نعم .
قال
كعب : أنشدك الله أتجد في كتاب الله المنزل أن
موسى نظر في التوراة فقال : يا رب ، إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله ، وإذا هبط حمد الله ، الصعيد طهورهم ، والأرض لهم مسجدا ، حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة ، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء ، غرا محجلين من آثار الوضوء ، فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة
أحمد يا
موسى ؟ ، قال الحبر : نعم .
قال
كعب : فأنشدك الله هل تجد في كتاب الله أن
موسى نظر في التوراة ؟ فقال : يا رب ، إني أجد أمة مرحومة
[ ص: 458 ] يرثون الكتاب واصطفيتهم لنفسك فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ، فلا أجد أحدا منهم إلا مرحوما فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة
أحمد يا
موسى ؟ ، قال الحبر : نعم .
قال
كعب : فأنشدك الله ، أتجد في كتاب الله أن
موسى نظر في التوراة ؟ فقال : يا رب ، إني أجد مصاحفهم في صدورهم ، يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة ، أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل ، لا يدخل النار منهم أحد إلا من برئ من الحسنات ، مثل ما برئ الحجر من ورق الشجر . قال
موسى : فاجعلهم أمتي ، قال : هم أمة
أحمد يا
موسى ؟ ، قال الحبر : نعم .
فلما عجب
موسى من الخير الذي أعطى الله
محمدا وأمته ، قال : ليتني من أصحاب
محمد ، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=144ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=145وكتبنا له في الألواح الآية ،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=159ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون .
قال : فرضي كل الرضا .
وهذه الفصول بعضها في التوراة التي بأيديهم وبعضها في نبوة أشعيا وبعضها في نبوة غيره . والتوراة أعم من التوراة المعينة ، وقد كان الله سبحانه وتعالى كتب لموسى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=145في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فلما كسرها رفع
[ ص: 459 ] منها الكثير وبقي خير كثير ، فلا يقدح في هذا النقل جهل أكثر أهل الكتاب به ، فلا يزال في العلم الموروث عن الأنبياء شيء مما لا يعرفه إلا الآحاد من الناس أو الواحد ، وهذه الأمة على قرب عهدها بنبيها ، في العلم الموروث عنه ، ما لا يعرفه إلا الأفراد القليلون جدا من أمته ، وسائر الناس منكر له وجاهل به .
وسمع
كعب رجلا يقول : رأيت في المنام كأن الناس جمعوا للحساب فدعا الأنبياء فجاء مع كل نبي أمته ، ورأيت لكل نبي نورين ولكل من اتبعه نورا يمشي به في الناس بين يديه ، فدعي
محمد صلى الله عليه وسلم فإذا لكل شعرة في رأسه ووجهه نور ، ولكل من اتبعه نوران يمشي بهما .
فقال
كعب : من حدثك هذا ؟ قال : رؤيا رأيتها في منامي ، قال : أنت رأيت هذا في منامك ؟ قال : نعم ، قال : والذي نفس
كعب بيده إنها لصفة
محمد وأمته وصفة الأنبياء وأممهم ، لكأنما قرأتها من كتاب الله .
وفي بعض الكتب القديمة أن
عيسى بن مريم صلوات الله وسلامه عليه ، قيل له : يا روح الله ! هل بعد هذه الأمة أمة ؟ قال : نعم ، قيل : وأية أمة ؟ قال : أمة
أحمد ، قيل : يا روح الله ! وما أمة
أحمد ؟ قال : علماء حكماء أبرار أتقياء كأنهم من الفقه أنبياء ، يرضون من الله باليسير من الرزق ، ويرضى الله منهم باليسير من العمل ، ويدخلهم الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله .
وقال
كعب : علماء هذه الأمة كأنبياء
بني إسرائيل .
وفيه حديث مرفوع لا أعرف حاله .
ثم نقول : وما يدريكم معاشر المثلثة وعباد الصلبان وأمة اللعنة والغضب بالفقه
[ ص: 460 ] والعلم ومسمى هذا الاسم ، حيث تسلبونه أصحاب
محمد الذين هم وتلاميذهم كأنبياء
بني إسرائيل ؟ وهل يميز بين العلماء والجهال ويعرف مقادير العلماء إلا من هو من جملتهم ومعدود في زمرتهم ؟ فأما طائفة شبه الله علماءهم بالحمير التي تحمل الأسفار ، وطائفة علماؤهم يقولون في الله ما لا ترضاه أمة من الأمم فيمن تعظمه وتجله ، وتأخذ دينها عن كل كاذب ومفتر على الله وعلى أنبيائه ، فمثلها مثل عريان يحارب شاكي السلاح ، ومن سقف بيته زجاج ، وهو يراجم أصحاب القصور بالأحجار ، ولا يستكثر على من قال في الله ورسوله ما قال أن يقول في أعلم الخلق إنهم عوام .
فليهن أمة الغضب علم المشنا والتلمود وما فيهما من الكذب على الله وعلى كليمه
موسى ، وما يحدث لهم أحبارهم وعلماء السوء كل وقت ، وليهنهم علوم دلتهم على أن الله ندم على خلق البشر حتى شق عليه ، وبكى على الطوفان حتى رمد وعادته الملائكة ، ودلتهم على أنه يناجونه في صلاتهم بقولهم : يا إلهنا انتبه من رقدتك كم تنام ، ينخونه حتى ينتخي وينقذ دولتهم ، وليهن أمة الضلال علومهم التي فارقوا بها جميع
[ ص: 461 ] شرائع الأنبياء ، وخالفوا فيها
المسيح خلافا يتحققه علماؤهم في كل أمر كما سيمر بك ، وعلومهم التي قالوا بها في رب العالمين ما قالوا ، مما كادت السماوات تنشق منه والأرض تنفطر والجبال تنهد لولا أن أمسكها الحكيم الصبور .
وعلومهم التي دلتهم على التثليث ، وعبادة خشبة الصليب والصور المدهونة بالسيرقون والزنجفر .
ودلتكم على قول عالمكم
أفريم "
nindex.php?page=treesubj&link=33649_31989إن اليد التي جلبت طينة آدم هي التي علقت على الصلبوت ، وأن الشبر الذي ذرعت به السماوات هو الذي سمر على الخشبة ، وقول عالمكم
عرنقورس : من لم يقل إن
مريم والدة الإله فهو خارج عن ولاية الله .
الثَّانِي : أَنَّ قَوْلَكُمْ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ بَنَوْا أَسَاسَ دِينِهِمْ عَلَى رِوَايَةِ عَوَامٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْبَهْتِ وَأَفْحَشِ الْكَذِبِ ، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا أُمِّيِّينَ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ فِيهِمْ رَسُولَهُ زَكَّاهُمْ وَعَلَّمَهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ، وَفَضَّلَهُمْ فِي الْعِلْمِ وَالْهُدَى ، وَالْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ ، وَالْعُلُومِ النَّافِعَةِ الْمُكَمِّلَةِ لِلنُّفُوسِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ ، فَلَمْ تَبْقَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ تُدَانِيهِمْ فِي فَضْلِهِمْ وَعُلُومِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَمَعَارِفِهِمْ ، فَلَوْ قِيسَ مَا عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَمِ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَعَلَمٍ وَهُدًى وَبَصِيرَةٍ إِلَى مَا عِنْدَهُمْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ نِسْبَةٌ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ مَا ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْأُمَمِ أَعْلَمَ بِالْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ ، وَالْكَمِّ الْمُتَّصِلِ وَالْكَمِّ الْمُنْفَصِلِ ، وَالنَّبْضِ وَالْقَارُورَةِ وَالْبَوْلِ
[ ص: 443 ] وَالْقَسْطَةِ ، وَوَزْنِ الْأَنْهَارِ وَنُقُوشِ الْحِيطَانِ ، وَوَضْعِ الْآلَاتِ الْعَجِيبَةِ ، وَصِنَاعَةِ الْكِيمْيَاءِ ، وَعِلْمِ الْفِلَاحَةِ ، وَعِلْمِ الْهَيْئَةِ وَتَسْيِيرِ الْكَوَاكِبِ ، وَعِلْمِ الْمُوسِيقَى وَالْأَلْحَانِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ بَيْنَ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَبَيْنَ ظُنُونٍ كَاذِبَةٍ ، وَبَيْنَ عِلْمٍ نَفْعُهُ فِي الْعَاجِلَةِ وَلَيْسَ مِنْ زَادِ الْمَعَادِ ، فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا عَوَامًّا فِي هَذِهِ الْعُلُومِ فَنَعَمْ إِذًا ، وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا .
وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا عَوَامًّا فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَأَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ ، وَدِينِهِ وَشَرْعِهِ وَتَفَاصِيلِهِ ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَفَاصِيلِهِ ، وَتَفَاصِيلِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَعِلْمِ سَعَادَةِ النُّفُوسِ وَشَقَاوَتِهَا ، وَعِلْمِ صَلَاحِ الْقُلُوبِ وَأَمْرَاضِهَا ، فَمَنْ بَهَتَ نَبِيَّهُمْ بِمَا بَهَتَهُ بِهِ وَجَحَدَ نُبُوَّتَهُ وَرِسَالَتَهُ الَّتِي هِيَ لِلْبَصَائِرِ أَظْهَرُ مِنَ الشَّمْسِ لِلْأَبْصَارِ ، لَمْ يُنْكَرْ لَهُ أَنْ يَبْهَتَ أَصْحَابَهُ ، وَيَجْحَدُ فَضْلَهُمْ وَمَعْرِفَتَهُمْ ، وَيُنْكِرَ مَا خَصَّهُمُ اللَّهُ بِهِ وَمَيَّزَهُمْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ ، وَمَنْ هُوَ كَائِنٌ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَدْ كَانَ
الْحَوَارِيُّونَ الَّذِينَ نَقَلُوا لِأَتْبَاعِ
الْمَسِيحِ مَعَالِمَ دِينِهِ ، وَسِيرَةَ
الْمَسِيحِ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، حَتَّى مَنَّ اللَّهُ
بِالْمَسِيحِ وَشَاهَدُوا مَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْآيَاتِ وَأَظْهَرُهُ عَلَى يَدِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ ، وَكَمَّلَ نُفُوسَهُمْ بِالْعُلُومِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْفَضَائِلِ النَّفْسَانِيَّةِ ، فَصَارُوا يَفْعَلُونَ مَا نَقَلَهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ إِلَيْنَا عَنْهُمْ مِنَ الْعَجَائِبِ ، وَيُدَوِّنُونَ الْعُلُومَ ، كُلُّ ذَلِكَ بِبِرْكَتِهِ ، وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ ، أَعْنِي الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَكَيْفَ يَكُونُونَ عَوَامًّا فِي ذَلِكَ وَهُمْ أَذْكَى النَّاسِ فِطْرَةً ، وَأَزْكَاهُمْ نُفُوسًا ، هُمْ يَتَلَقَّوْنَهُ غَضًّا طَرِيًّا ، وَمَحْضًا لَمْ يُشَبْ عَنْ نَبِيِّهِمْ ، وَهُمْ أَحْرَصُ النَّاسِ عَلَيْهِ ، وَأَشْوَقُهُمْ إِلَيْهِ ، وَخَبَرُ السَّمَاءِ يَأْتِيهِمْ عَلَى لِسَانِهِ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالْحَضَرِ وَالسَّفَرِ ، وَكِتَابُهُمْ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى عُلُومِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ،
[ ص: 444 ] وَعِلْمِ مَا كَانَ مِنَ الْمَبْدَأِ ، وَتَخْلِيقِ الْعَالِمِ ، وَأَحْوَالِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ ، وَالْأَنْبِيَاءِ وَسِيَرِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ مَعَ أُمَمِهِمْ ، وَدَرَجَاتِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَعَدَدِهِمْ ، وَعَدَدِ الْمُرْسَلِينَ مِنْهُمْ ، وَذِكْرِ كُتُبِهِمْ وَأَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ الَّتِي عَذَّبَ اللَّهُ بِهَا أَعْدَاءَهُمْ ، وَمَا أَكْرَمَ بِهِ أَتْبَاعَهُمْ ، وَذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ وَأَصْنَافِهِمْ وَأَنْوَاعِهِمْ وَمَا وُكِّلُوا بِهِ وَاسْتُعْمِلُوا فِيهِ ، وَذِكْرِ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَفَاصِيلِ أَحْوَالِهِ ، وَذِكْرِ الْجَنَّةِ وَتَفَاصِيلِ نَعِيمِهَا ، وَالنَّارِ وَتَفَاصِيلِ عَذَابِهَا ، وَذِكْرِ الْبَرْزَخِ وَتَفَاصِيلِ أَحْوَالِ الْخَلْقِ فِيهِ ، وَذِكْرِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَالْإِخْبَارِ بِهَا مُفَصَّلًا بِمَا لَمْ يَتَضَمَّنْهُ كِتَابٌ غَيْرُهُ مِنْ حِينِ قَامَتِ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ، كَمَا أَخْبَرَ بِهِ
الْمَسِيحُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْإِنْجِيلِ وَقَدْ بَشَّرَهُمْ بِهِ فَقَالَ : وَكُلُّ شَيْءٍ أَعَدَّهُ اللَّهُ لَكُمْ يُخْبِرُكُمْ بِهِ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ : وَيُخْبِرُكُمْ بِالْحَوَادِثِ وَالْغُيُوبِ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَيُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ : يُحْيِي لَكُمُ الْأَسْرَارَ وَيُفَسِّرُ لَكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَأَجِيئُكُمْ بِالْأَمْثَالِ وَهُوَ يَجِيئُكُمْ بِالتَّأْوِيلِ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ : إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكُمْ ، وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ ، لَكِنْ إِذَا جَاءَ رُوحُ الْحَقِّ ذَاكَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْطِقُ مِنْ عِنْدِهِ بَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَا يَسْمَعُ ، وَيُخْبِرُكُمْ بِكُلِّ مَا يَأْتِي ، وَيُعَرِّفُكُمْ جَمِيعَ مَا لِلْأَبِّ . فَمَنْ هَذَا عِلْمُهُ بِشَهَادَةِ
الْمَسِيحِ ، وَأَصْحَابُهُ يَتَلَقَّوْنَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ عَنْهُ ، وَهُمْ أَذْكَى الْخَلْقِ وَأَحْفَظُهُمْ وَأَحْرَصُهُمْ ، كَيْفَ تُدَانِيهِمْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ فِي هَذِهِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ ؟
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017931وَلَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا صَلَاةَ الصُّبْحِ ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَهُمْ حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ ، ثُمَّ نَزَلَ وَصَلَّى ، وَصَعِدَ فَخَطَبَهُمْ حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى وَصَعِدَ [ ص: 445 ] وَخَطَبَهُمْ حَتَّى حَضَرَتِ الْمَغْرِبُ ، فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا أَخْبَرَهُمْ بِهِ ، فَكَانَ أَعْلَمُهُمْ أَحْفَظَهُمْ . وَخَطَبَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى فَذَكَرَ بَدْءَ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=32427وَقَالَ يَهُودِيٌّ لِسَلْمَانَ : لَقَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةِ ! قَالَ أَجَلْ . فَهَذَا الْيَهُودِيُّ كَانَ أَعْلَمَ بِنَبِيِّنَا مِنْ هَذَا السَّائِلِ وَطَائِفَتِهِ ! ! .
وَكَيْفَ يُدَّعَى فِي أَصْحَابِ نَبِيِّنَا أَنَّهُمْ وَهَذِهِ الْعُلُومُ النَّاقِصَةُ الْمَبْثُوثَةُ فِي الْأُمَمِ عَلَى كَثْرَتِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَتَفَنُّنِ ضُرُوبِهَا إِنَّمَا هِيَ عَنْهُمْ مَأْخُوذَةٌ ، وَمِنْ كَلَامِهِمْ وَفَتَاوِيهِمْ مُسْتَنْبَطَةٌ ، وَهَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ كَانَ مِنْ صِبْيَانِهِمْ وَفِتْيَانِهِمْ وَقَدْ طَبَقَ الْأَرْضَ عِلْمًا ، وَبَلَغَتْ فَتَاوِيهِ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ سِفْرًا ، وَكَانَ بَحْرًا لَا يَنْزِفُ ، لَوْ نَزَلَ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ لَأَوْسَعَهُمْ عِلْمًا ، وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْفَرَائِضِ يَقُولُ الْقَائِلُ : لَا يُحْسِنُ سِوَاهُ ، فَإِذَا أَخَذَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ يَقُولُ السَّامِعُ : لَا يُحْسِنُ سِوَاهُ ، فَإِذَا أَخَذَ فِي السُّنَّةِ وَالرِّوَايَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْقَائِلُ : لَا يُحْسِنُ سِوَاهُ ، فَإِذَا أَخَذَ فِي الْقَصَصِ وَأَخْبَارِ الْأُمَمِ وَسِيَرِ الْمَاضِينَ فَكَذَلِكَ ، فَإِذَا أَخَذَ فِي أَنْسَابِ الْعَرَبِ وَقَبَائِلِهَا وَأُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا فَكَذَلِكَ ، فَإِذَا أَخَذَ فِي الشِّعْرِ وَالْغَرِيبِ فَكَذَلِكَ .
[ ص: 446 ] قَالَ
مُجَاهِدٌ : الْعُلَمَاءُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=6وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ ، قَالَ : هُمْ أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَلَمَّا حَضَرَ
مُعَاذًا الْمَوْتُ قِيلَ لَهُ : أَوْصِنَا ، قَالَ : أَجْلِسُونِي ، فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ : إِنَّ الْإِيمَانَ وَالْعِلْمَ بِمَكَانِهِمَا ، مَنِ اتَّبَعَهُمَا وَجَدَهُمَا ، الْتَمَسُوا الْعِلْمَ عَنْدَ أَرْبَعَةِ رَهْطٍ : عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=4عُوَيْمِرٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=23سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017932إِنَّهُ عَاشِرُ عَشْرَةٍ فِي الْجَنَّةِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11813أَبُو إِسْحَاقُ السَّبِيعِيُّ ، قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : عُلَمَاءُ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ ، رَجُلٌ
بِالشَّامِ ، وَآخَرُ
بِالْكُوفَةِ ، وَآخَرُ
بِالْمَدِينَةِ . فَأَمَّا هَذَانِ فَيَسْأَلَانِ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ ، وَالَّذِي بِالْمَدِينَةِ لَا يَسْأَلُهُمَا عَنْ شَيْءٍ .
[ ص: 447 ] وَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ وَرَضِيَ عَنْهُ : حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : عَنْ أَيِّهِمْ ؟ قَالُوا : عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=31689_31691قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَلِمَ السُّنَّةَ ثُمَّ انْتَهَى وَكَفَاهُ بِذَلِكَ ، قَالُوا : فَحَدِّثْنَا عَنْ
حُذَيْفَةَ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31571أَعْلَمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِالْمُنَافِقِينَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31482قَالُوا : فَأَبُو ذَرٍّ ؟ ، قَالَ : كَنِيفٌ مُلِئَ عِلْمًا ، قَالُوا :
فَعَمَّارٌ ؟ ، قَالَ : مُؤْمِنٌ نَسِيَ إِذَا ذَكَّرْتَهُ ذَكَرَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31703خَلَطَ اللَّهُ الْإِيمَانَ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ ، لَيْسَ لِلنَّارِ فِيهِ نَصِيبٌ ، قَالُوا :
فَأَبُو مُوسَى ؟ ، قَالَ : صُبِغَ فِي الْعِلْمِ صَبْغَةً ، قَالُوا :
فَسَلْمَانُ ؟ ، قَالَ : عَلِمَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ ، بَحْرٌ لَا يُنْزَحُ ، مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ، قَالُوا : فَحَدِّثْنَا عَنْ نَفْسِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ ، قَالَ : إِيَّاهَا أَرَدْتُمْ ، كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ ، وَإِذَا سَكَتَّ ابْتُدِئْتُ .
وَقَالَ
مَسْرُوقٌ : شَافَهْتُ أَصْحَابَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمْ يَنْتَهِي إِلَى سِتَّةٍ ، إِلَى :
عَلِيٍّ ،
وَعَبْدِ اللَّهِ ،
وَعُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=4وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، ثُمَّ شَافَهْتُ السِّتَّةَ فَوَجَدْتُ عِلْمَهُمْ يَنْتَهِي إِلَى
عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ .
وَقَالَ
مَسْرُوقٌ : جَالَسَتْ أَصْحَابَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا كَالْأَخَاذِ ، الْأَخَاذُ يَرْوِي الرَّاكِبَ ، وَالْأَخَاذُ يَرْوِي الرَّاكِبَيْنِ ، وَالْأَخَاذَ يَرْوِي الْعَشَرَةَ ، لَوْ نَزَلَ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ
[ ص: 448 ] لَأَصْدَرَهُمْ ، وَإِنَّ
عَبْدَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ الْأَخَاذِ .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017933بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ ، حَتَّى أَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِي ، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ ، فَقَالُوا : فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الْعِلْمُ .
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : إِنِّي لَأَحْسَبُ أَنَّ
عُمَرَ قَدْ ذَهَبَ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ . وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : لَوْ أَنَّ عِلْمَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وُضِعَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : كَأَنَّ عِلْمَ النَّاسِ مَعَ عِلْمِ
عُمَرَ دُسَّ فِي جُحْرٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ : قُضَاةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَرْبَعَةٌ :
عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَأَبُو مُوسَى . وَقَالَ
قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=31207مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَلَا أَقْرَأَ لِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا أَفْقَهَ فِي دِينِ اللَّهِ مِنْ عُمَرَ .
[ ص: 449 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=1017934وَقَالَ عَلِيٌّ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ لَيْسَ لِي عِلْمٌ بِالْقَضَاءِ ، فَقُلْتُ : إِنَّكَ تُرْسِلُنِي إِلَى قَوْمٍ يَكُونُ فِيهِمُ الْأَحْدَاثُ وَلَيْسَ لِي عِلْمٌ بِالْقَضَاءِ ، قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانُكَ ، قَالَ : فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدُ .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا
لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ لِي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017935يَا غُلَامُ هَلْ مِنْ لَبَنٍ ؟ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ ، قَالَ : فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُو عَلَيْهَا الْفَحْلُ ؟ ، قَالَ فَأَتَيْتُهُ بِشَّاةٍ فَمَسَحَ ضَرْعَهَا فَنَزَلَ لَبَنٌ فَحَلَبَهُ فِي إِنَاءٍ ، فَشَرِبَ وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ ، ثُمَّ قَالَ لِلضَّرْعِ : اقْلِصْ فَقَلَصَ ، قَالَ : فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْقَوْلِ ، فَمَسَحَ رَأْسِي ، وَقَالَ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، إِنَّكَ عَلِيمٌ مُعَلَّمٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=27عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ : مَا أَرَى أَحَدًا أَعْلَمَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ
أَبُو مُوسَى : إِنْ تَقُلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ حِينَ لَا نَسْمَعُ ، وَيَدْخُلُ حِينَ لَا نَدْخُلُ .
وَقَالَ
مَسْرُوقٌ : قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : مَا أُنْزِلَتْ سُورَةً إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ
[ ص: 450 ] أَنَّ رَجُلًا أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تُبْلُغُهُ الْإِبِلُ وَالْمَطَايَا لَأَتَيْتُهُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16423عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=16حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا قَالَ : هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ .
وَقِيلَ
لِمَسْرُوقٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=31374كَانَتْ عَائِشَةُ تُحْسِنُ الْفَرَائِضَ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْأَكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهَا عَنِ الْفَرَائِضِ .
وَقَالَ
أَبُو مُوسَى : مَا أُشْكِلَ عَلَيْنَا - أَصْحَابَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا
عَائِشَةَ إِلَّا وَجَدْنَا مِنْهُ عِلْمًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ : كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَحَدَّثُوا وَفِيهِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ نَظَرُوا إِلَيْهِ هَيْبَةً لَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ :
أَبُو ذَرٍّ وَعَى عِلْمًا ، ثُمَّ وَكَى عَلَيْهِ فَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى قُبِضَ .
وَقَالَ
مَسْرُوقٌ : قَدِمْتُ
الْمَدِينَةَ فَوَجَدْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ ،
[ ص: 451 ] وَلَمَّا بَلَغَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبَا الدَّرْدَاءِ مَوْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدَهُ مِثْلُهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ : إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ أُوتِيَ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتَ حِلْمًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=75وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ مِمَّنْ أُوتِيَ عِلْمًا وَحِلْمًا .
وَلَمَّا مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتِ قَامَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى قَبْرِهِ وَقَالَ : هَكَذَا يَذْهَبُ الْعِلْمُ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1017936وَضَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَالَ : اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَتَأْوِيلَ الْكِتَابِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنِيفِيَّةِ لَمَّا مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لَقَدْ مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ .
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ وَلَا أَجْلَدُ رَأْيًا وَلَا أَثْقُبُ نَظَرًا حِينَ يَنْظُرُ مِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
[ ص: 452 ] وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لَهُ : قَدْ طَرَأَتْ عَلَيْنَا عُضَلٌ أَقَضِيَتُهُ أَنْتَ لَهَا وَلِأَمْثَالِهَا ثُمَّ يَقُولُ
عَبْدُ اللَّهِ :
وَعُمَرُ عُمَرُ فِي جَدِّهِ وَحُسْنِ نَظَرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ : مَا رَأَيْتُ مَجْلِسًا قَطُّ أَكْرَمَ مِنْ مَجْلِسِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَكْثَرَ فِقْهًا وَأَعْظَمَ جَفْنَةً ، إِنَّ أَصْحَابَ الْفِقْهِ عِنْدَهُ ، وَأَصْحَابَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ ، وَأَصْحَابَ الشِّعْرِ عِنْدَهُ ، يُصْدِرُهُمْ كُلُّهُمْ فِي وَادٍ وَاسِعٍ .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ مَعَ الْأَكَابِرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَزِيدَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَفِقْهًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : لَوْ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ بَلَغَ أَسْنَانَنَا مَا عَشَرَهُ مِنَّا رَجُلٌ . أَيْ مَا بَلَغَ عُشْرَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا سَأَلَنِي أَحَدٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ إِلَّا عَرَفْتُ أَنَّهُ فَقِيهٌ أَوْ غَيْرُ فَقِيهٍ ، وَقِيلَ لَهُ : أَنَّى أَصَبْتَ هَذَا الْعِلْمَ ؟ قَالَ : بِلِسَانٍ سَئُولٍ ، وَقَلْبٍ عَقُولٍ ، وَكَانَ يُسَمَّى الْبَحْرُ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ .
[ ص: 453 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٌ : أَدْرَكْتُ نَحْوَ خَمْسِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ لَهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ شَيْئًا خَالَفُوهُ لَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى يُقَرِّرَهُمْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا رَأَيْتَهُ قُلْتَ : أَجْمَلُ النَّاسِ ، فَإِذَا تَكَلَّمَ قُلْتَ : أَفْصَحُ النَّاسِ ، فَإِذَا حَدَّثَ قُلْتُ : أَعْلَمُ النَّاسِ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا فَسَّرَ الشَّيْءَ رَأَيْتُ عَلَيْهِ النُّورَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ : كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَعْلَمُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ أَجْمَعُونَ .
قَالَ
ابْنُ عَوْنٍ : فَكَأَنَّهُ رَآنِي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ ، قَالَ : فَقَالَ : أَلَيْسَ
أَبُو بَكْرٍ كَانَ يَعْلَمُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ ، ثُمَّ كَانَ
عُمَرُ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ ؟ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=31207وُضِعَ عِلْمُ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فِي كِفَّةٍ وَعِلْمُ عُمَرَ فِي كِفَّةٍ [ ص: 454 ] لَرَجَحَ بِهِمْ عَلَمُ عُمَرَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : فَذَكَرُوا ذَلِكَ
لِإِبْرَاهِيمَ ، فَقَالَ : قَالَ :
عَبْدُ اللَّهِ ؟ إِنْ كُنَّا لِنَحْسَبُهُ قَدْ ذَهَبَ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعِلْمِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ : قُضَاةُ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ :
عُمَرُ وَعَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ nindex.php?page=showalam&ids=110وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ . وَكَانَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مُقَدَّمَةً فِي الْعِلْمِ بِالْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالتَّفْسِيرِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : مَا جَالَسْتُ أَحَدًا قَطُّ أَعْلَمَ بِقَضَاءٍ وَلَا بِحَدِيثِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا أَرَوَى لِلشِّعْرِ وَلَا أَعْلَمَ بِفَرِيضَةٍ وَلَا طِبٍّ ، مِنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
وَقَالَ
عَطَاءٌ : كَانَتْ
عَائِشَةُ أَعْلَمَ النَّاسِ ، وَأَفْقَهَ النَّاسِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ : رَوَى الْعِلْمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ثَمَانُمِائَةِ رَجُلٍ مَا بَيْنَ صَاحِبٍ
[ ص: 455 ] وَتَابِعٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ
مُحَمَّدٍ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَاصْطَفَاهُ وَبَعَثَهُ لِرِسَالَتِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ
مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجُعِلُوا وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ، قَالَ : هُمْ أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=28811_28812أَثْنَى اللَّهُ عَلَى الصَّحَابَةِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ، وَسَبَقَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُمْ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : إِذَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ ، وَإِذَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ نَخْتَارُ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَمْ نَخْرُجْ عَنْهُ .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : سَمِعْتُ
مَالِكًا ، يَقُولُ : لَمَّا دَخَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الشَّامَ ، نَظَرَ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَقَالَ : مَا كَانَ أَصْحَابُ
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الَّذِينَ قُطِّعُوا بِالْمَنَاشِيرِ وَصُلِّبُوا عَلَى الْخَشَبِ بِأَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ هَؤُلَاءِ .
[ ص: 456 ] وَقَدْ شَهِدَ لَهُمُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى بِأَنَّهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=28811_30235خَيْرُ الْقُرُونِ عَلَى الْإِطْلَاقِ .
كَمَا شَهِدَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِأَنَّهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ . وَعُلَمَاؤُهُمْ وَتَلَامِيذُهُمُ الَّذِينَ مَلَئُوا الْأَرْضَ عِلْمًا ، فَعُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُمْ تَلَامِيذُهُمْ وَتَلَامِيذُ تَلَامِيذِهِمْ وَهَلُمَّ جَرَّا .
وَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ طَبَقَ عِلْمُهُمُ الْأَرْضَ شَرْقًا وَغَرْبًا ، تَلَامِيذُ تَلَامِيذِهِمْ وَخِيَارُ مَا عِنْدَهُمْ مَا كَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَخِيَارُ الْفِقْهِ مَا كَانَ مِنْهُمْ ، وَأَوْضَحُ التَّفْسِيرِ مَا أُخِذَ عَنْهُمْ .
وَأَمَّا كَلَامُهُمْ فِي بَابِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ فَفِي أَعْلَى الْمَرَاتِبِ ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ وَعَرَفَ مَا قَالَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ عَرَفَ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْهُ مُتَرْجَمٌ عَنْهُ ، وَكُلُّ عَلَمٍ نَافِعٍ فِي الْأُمَّةِ فَهُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَمَأْخُوذٌ عَنْهُمْ ، وَهَؤُلَاءِ تَلَامِيذُهُمْ وَتَلَامِيذُ تَلَامِيذِهِمْ قَدْ طَبَقَتْ تَصَانِيفِهِمْ وَفَتَاوِيهِمُ الْأَرْضَ . فَهَذَا
مَالِكٌ جُمِعَتْ فَتَاوِيهِ عِدَّةَ أَسْفَارٍ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ كَذَلِكَ ، وَهَذِهِ تَصَانِيفُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تُقَارِبُ الْمِائَةَ ، وَهَذَا الْإِمَامُ
أَحْمَدُ بَلَغَتْ فَتَاوِيهِ وَتَآلِيفُهُ نَحْوَ مِائَةِ سِفْرٍ ، وَفَتَاوِيهِ عِنْدَنَا فِي نَحْوِ عِشْرِينَ سِفْرًا ، وَغَالِبُ تَصَانِيفِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَهَذَا عَلَّامَتُهُمُ الْمُتَأَخِّرُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
ابْنُ تَيْمِيَّةَ جَمَعَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَتَاوَاهُ فِي ثَلَاثِينَ مُجَلَّدًا وَرَأَيْتُهَا فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ، وَهَذِهِ تَآلِيفُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا إِلَّا اللَّهُ ، كُلُّهُمْ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ
nindex.php?page=treesubj&link=30231_28811يُقِرُّ لِلصَّحَابَةِ بِالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ ، وَيَعْتَرِفُ بِأَنَّ عِلْمَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عُلُومِهِمْ كَعُلُومِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ نَبِيِّهِمْ .
[ ص: 457 ] وَفِي الثَّقَفِيَّاتِ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَافِرَيِّ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ
كَعْبًا رَأَى حَبْرَ الْيَهُودِ يَبْكِي ، فَقَالَ لَهُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : ذَكَرْتُ بَعْضَ الْأَمْرِ ، فَقَالَ
كَعْبٌ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ لَئِنْ أَخْبَرْتُكَ مَا أَبْكَاكَ لَتَصْدُقَنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ : هَلْ تَجِدُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّ
مُوسَى نَظَرَ فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ : رَبِّ إِنِّي أَجِدُ
nindex.php?page=treesubj&link=30231خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَيُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَالْكِتَابِ الْآخِرِ ، وَيُقَاتِلُونَ أَهْلَ الضَّلَالَةِ حَتَّى يُقَاتِلُونَ أَعْوَرَ الدَّجَّالِ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي ، قَالَ : هُمْ أُمَّةُ
أَحْمَدَ يَا
مُوسَى ؟ قَالَ الْحَبْرُ : نَعَمْ .
قَالَ
كَعْبٌ : فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تُجِدُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّ
مُوسَى نَظَرَ فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ : يَا رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ أُمَّةً هُمُ الْحَمَّادُونَ رُعَاةُ الشَّمْسِ الْمُحَكَّمُونَ إِذَا أَرَادُوا أَمْرًا قَالُوا : نَفْعَلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي . قَالَ : هُمْ أُمَّةُ
أَحْمَدَ يَا
مُوسَى ؟ قَالَ الْحَبْرُ : نَعَمْ .
قَالَ
كَعْبٌ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَتَجِدُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّ
مُوسَى نَظَرَ فِي التَّوْرَاةِ فَقَالَ : يَا رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ أُمَّةً إِذَا أَشْرَفَ أَحَدُهُمْ عَلَى شَرَفٍ كَبَّرَ اللَّهَ ، وَإِذَا هَبَطَ حَمَدَ اللَّهَ ، الصَّعِيدُ طَهُورُهُمْ ، وَالْأَرْضُ لَهُمْ مَسْجِدًا ، حَيْثُمَا كَانُوا يَتَطَهَّرُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ ، طَهُورُهُمْ بِالصَّعِيدِ كَطُهُورِهِمْ بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يَجِدُونَ الْمَاءَ ، غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي ، قَالَ : هُمْ أُمَّةُ
أَحْمَدَ يَا
مُوسَى ؟ ، قَالَ الْحَبْرُ : نَعَمْ .
قَالَ
كَعْبٌ : فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تُجِدُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ
مُوسَى نَظَرَ فِي التَّوْرَاةِ ؟ فَقَالَ : يَا رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ أُمَّةً مَرْحُومَةً
[ ص: 458 ] يَرِثُونَ الْكِتَابَ وَاصْطَفَيْتَهُمْ لِنَفْسِكَ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيِّرَاتِ ، فَلَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا مَرْحُومًا فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي ، قَالَ : هُمْ أُمَّةُ
أَحْمَدَ يَا
مُوسَى ؟ ، قَالَ الْحَبْرُ : نَعَمْ .
قَالَ
كَعْبٌ : فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ ، أَتَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ
مُوسَى نَظَرَ فِي التَّوْرَاةِ ؟ فَقَالَ : يَا رَبِّ ، إِنِّي أَجِدُ مَصَاحِفَهُمْ فِي صُدُورِهِمْ ، يُصَفُّونَ فِي صَلَاتِهِمْ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ ، أَصْوَاتُهُمْ فِي مَسَاجِدِهِمْ كَدَوِيِّ النَّحْلِ ، لَا يَدْخُلُ النَّارَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ بَرِئَ مِنَ الْحَسَنَاتِ ، مِثْلَ مَا بَرِئَ الْحَجَرُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ . قَالَ
مُوسَى : فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي ، قَالَ : هُمْ أُمَّةُ
أَحْمَدَ يَا
مُوسَى ؟ ، قَالَ الْحَبْرُ : نَعَمْ .
فَلَمَّا عَجِبَ
مُوسَى مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَى اللَّهُ
مُحَمَّدًا وَأُمَّتُهُ ، قَالَ : لَيْتَنِي مِنْ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثَلَاثَ آيَاتٍ يُرْضِيهِ بِهِنَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=144يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي ،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=145وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ الْآيَةَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=159وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ .
قَالَ : فَرَضِيَ كُلَّ الرِّضَا .
وَهَذِهِ الْفُصُولُ بَعْضُهَا فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ وَبَعْضُهَا فِي نُبُوَّةِ أَشْعِيَا وَبَعْضُهَا فِي نُبُوَّةِ غَيْرِهِ . وَالتَّوْرَاةُ أَعَمُّ مِنَ التَّوْرَاةِ الْمُعَيَّنَةِ ، وَقَدْ كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَتَبَ لِمُوسَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=145فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَلَمَّا كَسَرَهَا رُفِعَ
[ ص: 459 ] مِنْهَا الْكَثِيرُ وَبَقِيَ خَيْرٌ كَثِيرٌ ، فَلَا يَقْدَحُ فِي هَذَا النَّقْلِ جَهْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِهِ ، فَلَا يَزَالُ فِي الْعِلْمِ الْمَوْرُوثِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ شَيْءٌ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْآحَادُ مِنَ النَّاسِ أَوِ الْوَاحِدُ ، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى قُرْبِ عَهْدِهَا بِنَبِيِّهَا ، فِي الْعِلْمِ الْمَوْرُوثِ عَنْهُ ، مَا لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْأَفْرَادُ الْقَلِيلُونَ جِدًّا مِنْ أُمَّتِهِ ، وَسَائِرُ النَّاسِ مُنْكِرٍ لَهُ وَجَاهِلٌ بِهِ .
وَسَمِعَ
كَعْبٌ رَجُلًا يَقُولُ : رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ النَّاسَ جُمِعُوا لِلْحِسَابِ فَدَعَا الْأَنْبِيَاءَ فَجَاءَ مَعَ كُلِّ نَبِيٍّ أُمَّتُهُ ، وَرَأَيْتُ لِكُلِّ نَبِيٍّ نُورَيْنِ وَلِكُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَدُعِيَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا لِكُلِّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ نُورٌ ، وَلِكُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ نُورَانِ يَمْشِي بِهِمَا .
فَقَالَ
كَعْبٌ : مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا ؟ قَالَ : رُؤْيَا رَأَيْتُهَا فِي مَنَامِي ، قَالَ : أَنْتَ رَأَيْتَ هَذَا فِي مَنَامِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ
كَعْبٍ بِيَدِهِ إِنَّهَا لِصِفَةُ
مُحَمَّدٍ وَأُمَّتُهُ وَصِفَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ ، لَكَأَنَّمَا قَرَأْتَهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ .
وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ أَنَّ
عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ، قِيلَ لَهُ : يَا رُوحَ اللَّهِ ! هَلْ بَعْدَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُمَّةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : وَأَيَّةُ أُمَّةٍ ؟ قَالَ : أُمَّةُ
أَحْمَدَ ، قِيلَ : يَا رُوحُ اللَّهِ ! وَمَا أُمَّةُ
أَحْمَدَ ؟ قَالَ : عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءٌ كَأَنَّهُمْ مِنَ الْفِقْهِ أَنْبِيَاءُ ، يَرْضَوْنَ مِنَ اللَّهِ بِالْيَسِيرِ مِنَ الرِّزْقِ ، وَيَرْضَى اللَّهُ مِنْهُمْ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْعَمَلِ ، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
وَقَالَ
كَعْبٌ : عُلَمَاءُ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَأَنْبِيَاءِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ .
وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ لَا أَعْرِفُ حَالَهُ .
ثُمَّ نَقُولُ : وَمَا يُدْرِيكُمْ مَعَاشِرَ الْمُثَلِّثَةِ وَعُبَّادَ الصُّلْبَانِ وَأُمَّةَ اللَّعْنَةِ وَالْغَضَبِ بِالْفِقْهِ
[ ص: 460 ] وَالْعِلْمِ وَمُسَمَّى هَذَا الِاسْمِ ، حَيْثُ تَسْلُبُونَهُ أَصْحَابَ
مُحَمَّدٍ الَّذِينَ هُمْ وَتَلَامِيذُهُمْ كَأَنْبِيَاءَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ؟ وَهَلْ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْجُهَّالِ وَيَعْرِفُ مَقَادِيرَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَمَعْدُودٌ فِي زُمْرَتِهِمْ ؟ فَأَمَّا طَائِفَةٌ شَبَّهَ اللَّهُ عُلَمَاءَهُمْ بِالْحَمِيرِ الَّتِي تَحْمِلُ الْأَسْفَارَ ، وَطَائِفَةٌ عُلَمَاؤُهُمْ يَقُولُونَ فِي اللَّهِ مَا لَا تَرْضَاهُ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ فِيمَنْ تُعَظِّمُهُ وَتُجِلُّهُ ، وَتَأْخُذُ دِينَهَا عَنْ كُلِّ كَاذِبٍ وَمُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى أَنْبِيَائِهِ ، فَمَثَلُهَا مَثَلُ عُرْيَانٍ يُحَارِبُ شَاكِيَ السِّلَاحِ ، وَمَنْ سَقْفُ بَيْتَهُ زُجَاجٌ ، وَهُوَ يُرَاجِمُ أَصْحَابَ الْقُصُورِ بِالْأَحْجَارِ ، وَلَا يَسْتَكْثِرُ عَلَى مَنْ قَالَ فِي اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا قَالَ أَنْ يَقُولَ فِي أَعْلَمَ الْخَلْقِ إِنَّهُمْ عَوَامٌّ .
فَلْيَهْنِ أُمَّةَ الْغَضَبِ عَلِمُ الْمَشْنَا وَالتَّلْمُودِ وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى كَلِيمِهِ
مُوسَى ، وَمَا يُحْدِثُ لَهُمْ أَحْبَارُهُمْ وَعُلَمَاءُ السُّوءِ كُلَّ وَقْتٍ ، وَلْيَهْنِهِمْ عُلُومٌ دَلَّتْهُمْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ نَدِمَ عَلَى خَلْقِ الْبَشَرِ حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ ، وَبَكَى عَلَى الطُّوفَانِ حَتَّى رَمَدَ وَعَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ، وَدَلَّتْهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُنَاجُونَهُ فِي صَلَاتِهِمْ بِقَوْلِهِمْ : يَا إِلَهَنَا انْتَبِهْ مِنْ رَقْدَتِكَ كَمْ تَنَامُ ، يُنَخُّونَهُ حَتَّى يَنْتَخِيَ وَيُنْقَذَ دَوْلَتَهُمْ ، وَلْيَهْنِ أُمَّةَ الضَّلَالِ عُلُومُهُمُ الَّتِي فَارَقُوا بِهَا جَمِيعَ
[ ص: 461 ] شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَخَالَفُوا فِيهَا
الْمَسِيحَ خِلَافًا يَتَحَقَّقُهُ عُلَمَاؤُهُمْ فِي كُلِّ أَمْرٍ كَمَا سَيَمُرُّ بِكَ ، وَعُلُومُهُمُ الَّتِي قَالُوا بِهَا فِي رَبِّ الْعَالَمِينَ مَا قَالُوا ، مِمَّا كَادَتِ السَّمَاوَاتُ تَنْشَقُّ مِنْهُ وَالْأَرْضُ تَنْفَطِرُ وَالْجِبَالُ تَنَهَّدُ لَوْلَا أَنْ أَمْسَكَهَا الْحَكِيمُ الصَّبُورُ .
وَعُلُومُهُمُ الَّتِي دَلَّتْهُمْ عَلَى التَّثْلِيثِ ، وَعِبَادَةِ خَشَبَةِ الصَّلِيبِ وَالصُّوَرِ الْمَدْهُونَةِ بِالسِّيرْقُونِ وَالزُّنْجُفْرِ .
وَدَلَّتْكُمْ عَلَى قَوْلِ عَالِمِكُمْ
أَفْرَيِمَ "
nindex.php?page=treesubj&link=33649_31989إِنَّ الْيَدَ الَّتِي جَلَبَتْ طِينَةَ آدَمَ هِيَ الَّتِي عُلِّقَتْ عَلَى الصَّلْبُوتِ ، وَأَنَّ الشِّبْرَ الَّذِي ذُرِعَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ هُوَ الَّذِي سُمِّرَ عَلَى الْخَشَبَةِ ، وَقَوْلِ عَالِمِكُمْ
عَرَنْقُورِسَ : مَنْ لَمْ يَقُلْ إِنَّ
مَرْيَمَ وَالِدَةُ الْإِلَهِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ وِلَايَةِ اللَّهِ .