الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن أوجبتم له الإلهية من قول أشعيا فيما زعمتم : ها هي العذراء تحبل وتلد ابنا يدعى اسمه عمانويل ، وعمانوئيل كلمة عبرانية تفسيرها بالعربية : إلهنا معنا .

فقد شهد له النبي أنه إله .

قيل لكم بعد ثبوت هذا الكلام وتفسيره : لا يدل على أن العذراء ولدت رب العالمين وخالق السماوات والأرضين ، فإنه قال : تلد ابنا وهذا دليل على أنه نبي من جملة النبيين ليس هو رب العالمين .

[ ص: 518 ] وأما قوله : ويدعى اسمه عمانويل فإنما يدل على أنه يسمى بهذا الاسم كما تسمي الناس أبناءهم بأنواع من الصفات والأسماء والأفعال والجمل المركبة من اسمين أو اسم وفعل ، وكثير من أهل الكتاب يسمون أولادهم عمانويل .

ومن علمائكم من يقول : المراد بالعذراء ههنا غير مريم ، ويذكر في ذلك قصة ، ويدل على هذا أن المسيح لا يعرف اسمه عمانويل ، وإن كان ذلك اسمه ، فكونه يسمى " إلهنا معنا " أو " بالله حسبي " ، أو الله وحده ، ونحو ذلك لا يدل على أنه إله .

وقد حرف بعض المثلثة عباد الصليب هذه الكلمة وقال : معناها الله معنا ، فرد عليهم بعض من أنصف من علمائهم وحكم رشده على هواه ، وهداه الله للحق وبصره من عماه ، وقال : ( أهذا هو القائل : أنا الرب ، ولا إله غيري ، وأنا أحيي وأميت وأخلق وأرزق ؟ .

أم هو القائل لله : إنك أنت الإله الحق وحدك الذي أرسلت يوسع المسيح ) .

قال : والأول باطلل ، والثاني هو الذي شهد به الإنجيل ، ويجب تصديق الإنجيل وتكذيب من زعم أن المسيح إله معبود .

قال : وليس المسيح مخصوصا بهذا الاسم ، بل عمانوئيل اسم تسمي به النصارى واليهود أولادها . قال : وهذا موجود في عصرنا هذا ، ومعنى هذه التسمية بينهم شريف القدر .

قال : وكذلك السريان يسمون أولادهم عمانويل والمسلمون وغيرهم يقولون [ ص: 519 ] للرجل : الله معك ، فإذا سمي الرجل بقول : الله معك ، أو : الله معنا ، كان هذا تبركا بمعنى هذه الاسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية