الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن قلتم : جعلناه إلها من قول متى في الإنجيل : إن ابن الإنسان يرسل ملائكته ويجمعون كل الملوك فيلقونهم في أتون النار .

[ ص: 513 ] قيل : هذا كالذي قبله ، ولم يرد أن المسيح هو رب الأرباب ولا أنه خالق الملائكة ، ومما يشهد لذلك وأن الضمير في الهاء من الملائكة راجع إلى الله لا إلى المسيح ، قول مرقس في إنجيله في هذا المحل في هذا المعنى : فابن الإنسان يفضحه إذا جاء في محرابه وملائكته المقدسين ، فافهم ذلك .

ويمكن أن يجعل الله المسيح سفيرا بينه وبين بعض ملائكة العذاب في جميع ملوك الكفر من المنتسبين لدينه من عرصات القيامة وإدخالهم النار .

والضمير في الملائكة عائد إلى الله لا إلى المسيح ، وإنما القوم جهلة بمقام الربوبية ومقام الملائكة ، واللسان العربي المترجم به عن لغتهم ومن يضلل الله فما له من هاد وحاش لله أن يطلق عليه أنه رب الملائكة بل هذا من أقبح الكذب والافتراء ، بل ورب الملائكة أوصاهم بحفظ المسيح وتأييده بشهادة النبي القائل عندهم : إن الله يوصي ملائكته بك ليحفظوك . ثم بشهادة لوقا : إن الله أرسل له ملكا من السماء ليقويه .

[ ص: 514 ] هذا الذي نطقت به الكتب ، فحرف الكذابون على الله وعلى مسيحه ذلك ، ونسبوا إلى الأنبياء أنهم قالوا : هو رب الملائكة .

وإذا شهد الإنجيل واتفق الأنبياء والرسل أن الله يوصي ملائكته بالمسيح ليحفظوه ، علم أن الملائكة والمسيح عبيد الله منقادون لأمره ، ليسوا أربابا ولا آلهة .

وقال المسيح لتلامذته : من قبلكم فقد قبلني ، ومن قبلني فقد قبل من أرسلني .

وقال المسيح لتلامذته أيضا : من أنكرني قدام الناس أنكرته قدام الملائكة .

وقال للذي يضرب عند رئيس الكهنة : اغمد سيفك . ولا تظن أني لا أستطيع أن أدعو الله الأب فيقيم لي أكثر من اثني عشر من الملائكة .

فهل يقول هذا من هو رب الملائكة وإلههم وخالقهم ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية