فصل
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29437الكفر الأكبر ، فخمسة أنواع : كفر تكذيب ، وكفر استكبار وإباء مع التصديق ، وكفر إعراض ، وكفر شك ، وكفر نفاق .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=29437كفر التكذيب فهو اعتقاد كذب الرسل ، وهذا القسم قليل في الكفار ، فإن الله تعالى أيد رسله ، وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام به الحجة ، وأزال به المعذرة ، قال الله تعالى عن
فرعون وقومه
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون .
وإن سمي هذا كفر تكذيب أيضا فصحيح ، إذ هو تكذيب باللسان .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29437كفر الإباء والاستكبار فنحو كفر إبليس ، فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار ، وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار ، ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول ، وأنه جاء بالحق من عند الله ، ولم ينقد له إباء واستكبارا ، وهو الغالب على كفر أعداء الرسل ، كما حكى الله تعالى عن
فرعون وقومه
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=47أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون [ ص: 347 ] وقول الأمم لرسلهم
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10إن أنتم إلا بشر مثلنا وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=11كذبت ثمود بطغواها وهو كفر
اليهود كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=146يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وهو كفر
أبي طالب أيضا ، فإنه صدقه ولم يشك في صدقه ، ولكن أخذته الحمية ، وتعظيم آبائه أن يرغب عن ملتهم ، ويشهد عليهم بالكفر .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29437كفر الإعراض فأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول ، لا يصدقه ولا يكذبه ، ولا يواليه ولا يعاديه ، ولا يصغي إلى ما جاء به البتة ، كما قال أحد
بني عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم : والله أقول لك كلمة ، إن كنت صادقا ، فأنت أجل في عيني من أن أرد عليك ، وإن كنت كاذبا ، فأنت أحقر من أن أكلمك .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29437كفر الشك فإنه لا يجزم بصدقه ولا يكذبه ، بل يشك في أمره ، وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة ، فلا يسمعها ولا يلتفت إليها ، وأما مع التفاته إليها ، ونظره فيها فإنه لا يبقى معه شك ، لأنها مستلزمة للصدق ، ولا سيما بمجموعها ، فإن دلالتها على الصدق كدلالة الشمس على النهار .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29437كفر النفاق فهو أن يظهر بلسانه الإيمان ، وينطوي بقلبه على التكذيب ، فهذا هو النفاق الأكبر ، وسيأتي بيان أقسامه إن شاء الله تعالى .
فَصْلٌ
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29437الْكُفْرُ الْأَكْبَرُ ، فَخَمْسَةُ أَنْوَاعٍ : كُفْرُ تَكْذِيبٍ ، وَكُفْرُ اسْتِكْبَارٍ وَإِبَاءٍ مَعَ التَّصْدِيقِ ، وَكُفْرُ إِعْرَاضٍ ، وَكُفْرُ شَكٍّ ، وَكُفْرُ نِفَاقٍ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29437كُفْرُ التَّكْذِيبِ فَهُوَ اعْتِقَادُ كَذِبِ الرُّسُلِ ، وَهَذَا الْقِسْمُ قَلِيلٌ فِي الْكُفَّارِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَيَّدَ رُسُلَهُ ، وَأَعْطَاهُمْ مِنَ الْبَرَاهِينِ وَالْآيَاتِ عَلَى صِدْقِهِمْ مَا أَقَامَ بِهِ الْحُجَّةَ ، وَأَزَالَ بِهِ الْمَعْذِرَةَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ
فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا وَقَالَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=33فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ .
وَإِنَّ سُمِّيَ هَذَا كُفْرَ تَكْذِيبٍ أَيْضًا فَصَحِيحٌ ، إِذْ هُوَ تَكْذِيبٌ بِاللِّسَانِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29437كُفْرُ الْإِبَاءِ وَالِاسْتِكْبَارِ فَنَحْوُ كُفْرِ إِبْلِيسَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَجْحَدْ أَمْرَ اللَّهِ وَلَا قَابَلَهُ بِالْإِنْكَارِ ، وَإِنَّمَا تَلَقَّاهُ بِالْإِبَاءِ وَالِاسْتِكْبَارِ ، وَمِنْ هَذَا كُفْرُ مَنْ عَرَفَ صِدْقَ الرَّسُولِ ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَلَمْ يَنْقَدْ لَهُ إِبَاءً وَاسْتِكْبَارًا ، وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى كُفْرِ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ ، كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ
فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=47أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ [ ص: 347 ] وَقَوْلِ الْأُمَمِ لِرُسُلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=11كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا وَهُوَ كُفْرُ
الْيَهُودِ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=89فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=146يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَهُوَ كُفْرُ
أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا ، فَإِنَّهُ صَدَّقَهُ وَلَمْ يَشُكَّ فِي صِدْقِهِ ، وَلَكِنْ أَخَذَتْهُ الْحَمِيَّةُ ، وَتَعْظِيمُ آبَائِهِ أَنْ يَرْغَبَ عَنْ مِلَّتِهِمْ ، وَيَشْهَدَ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29437كُفْرُ الْإِعْرَاضِ فَأَنْ يُعْرِضَ بِسَمْعِهِ وَقَلْبِهِ عَنِ الرَّسُولِ ، لَا يُصَدِّقُهُ وَلَا يُكَذِّبُهُ ، وَلَا يُوَالِيهِ وَلَا يُعَادِيهِ ، وَلَا يُصْغِي إِلَى مَا جَاءَ بِهِ الْبَتَّةَ ، كَمَا قَالَ أَحَدُ
بَنِي عَبْدِ يَالِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ أَقُولُ لَكَ كَلِمَةً ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ، فَأَنْتَ أَجَلُّ فِي عَيْنِي مِنْ أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا ، فَأَنْتَ أَحْقَرُ مِنْ أَنْ أُكَلِّمَكَ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29437كُفْرُ الشَّكِّ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِمُ بِصِدْقِهِ وَلَا يُكَذِّبُهُ ، بَلْ يَشُكُّ فِي أَمْرِهِ ، وَهَذَا لَا يَسْتَمِرُّ شَكُّهُ إِلَّا إِذَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْإِعْرَاضَ عَنِ النَّظَرِ فِي آيَاتِ صِدْقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْلَةً ، فَلَا يَسْمَعُهَا وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا ، وَأَمَّا مَعَ الْتِفَاتِهِ إِلَيْهَا ، وَنَظَرِهِ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى مَعَهُ شَكٌّ ، لِأَنَّهَا مُسْتَلْزِمَةٌ لِلصِّدْقِ ، وَلَا سِيَّمَا بِمَجْمُوعِهَا ، فَإِنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى الصِّدْقِ كَدَلَالَةِ الشَّمْسِ عَلَى النَّهَارِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29437كُفْرُ النِّفَاقِ فَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ بِلِسَانِهِ الْإِيمَانَ ، وَيَنْطَوِيَ بِقَلْبِهِ عَلَى التَّكْذِيبِ ، فَهَذَا هُوَ النِّفَاقُ الْأَكْبَرُ ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَقْسَامِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .