الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو حلف لا يأكل طعاما فإن ذلك يقع على الخبز واللحم والفاكهة سوى التمر ونحو ذلك ، ويقع على ما يؤكل على سبيل الإدام مع الخبز لأن الطعام في اللغة اسم لما يطعم إلا أنه في العرف اختص بما يؤكل بنفسه أو مع غيره عادة ولا يقع على الهليلج والسقمونيا وإن كان ذلك مطعوما في نفسه لأنه لا يؤكل عادة ، وإن حلف لا يأكل من طعام فلان فأخذ من خله أو زيته أو كامخه أو ملحه فأكل بطعام نفسه يحنث لأن العادة قد جرت بأكل هذه الأشياء مع الخبز إداما له .

                                                                                                                                قال النبي صلى الله عليه وسلم : { نعم الإدام الخل } فكان طعاما عرفا فيحنث ، فإن أخذ من نبيذ فلان أو مائه فأكل به خبزا لا يحنث لأنه لا يؤكل مع الخبز عادة فلا يسمى طعاما .

                                                                                                                                وكذا قال أبو يوسف : الخل طعام والنبيذ والماء شراب .

                                                                                                                                وقال محمد : الخل والملح طعام لما ذكرنا أن الخل والملح مما يؤكل مع غيره عادة ، والنبيذ والماء لا يؤكل عادة .

                                                                                                                                ولو حلف لا يشتري طعاما فإنه يقع على الحنطة ودقيقها ، وكان ينبغي في القياس أن يقع على جميع المطعومات كما في اليمين على الأكل إلا أن في الاستحسان يقع على الحنطة ودقيقها لأن البيع لا يتم بنفسه بل بالبائع ، وبائع الحنطة يسمى بائع الطعام في العرف ، والأكل يتم بنفسه فيعتبر نفس الأكل دون غيره وصار هذا كمن حلف لا يشتري حديدا فاشترى سيفا لم يحنث لأن بائعه لا يسمى حدادا ، ولو حلف لا يمس حديدا فمس سيفا يحنث لأن المس فعل يتم بنفسه وعلى هذا باب الزيادات .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية