( ومنها ) أن لا يكون مضروبا فيه فإن كان لا يقع ، ويقع المضروب ، وهذا قول أصحابنا الثلاثة .
وقال هذا ليس بشرط ، ويقع المضروب والمضروب فيه ، وبيان ذلك فيمن زفر ; وجملة الجواب فيه أنه إن نوى به الظرف والوعاء لا يقع إلا المضروب ; لأن الطلاق لا يصلح [ ص: 161 ] ظرفا ، وإن نوى مع يقع المضروب والمضروب فيه بقدر ما يصح وقوعه بلا خلاف ، وإن نوى به الضرب والحساب ، ولم تكن له نية يقع المضروب لا المضروب فيه عند قال لامرأته : أنت طالق واحدة في اثنتين أو قال واحدة في ثلاث أو اثنتين في اثنتين أصحابنا الثلاثة .
وعند يقع المضروب والمضروب فيه بقدر ما يصح وقوعه ( وجه ) قوله أن الواحد في اثنتين اثنان على طريق الضرب والحساب والواحد في الثلاثة ثلاثة والاثنان في الاثنين أربعة ، وهذا يقتضي وقوع المضروب والمضروب فيه ; كما لو جمع بينهما بلفظ واحد فقال : أنت طالق اثنتين أو ثلاثا أو أربعا إلا أن العدد المجتمع له عبارتان : إحداهما الاثنان والثلاثة والأربعة ، والأخرى واحد في اثنين ، وواحد في ثلاثة واثنان في اثنين ( ولنا ) وجوه ثلاثة : أحدها أن الضرب إنما يتقدر فيما له مساحة . زفر
فأما ما لا مساحة له ، فلا يتقدر فيه الضرب ; لأن تقدير ضرب الاثنين في الاثنين خطان يضم إليهما خطان آخران ، فمن هذا الوجه يقال الاثنان في الاثنين أربعة والطلاق لا يحتمل المساحة ، فإذا نوى في عدد الطلاق الضرب فقد أراد محالا فبطلت نيته .
والثاني أن الشيء لا يتعدد بالضرب ، وإنما يتكرر أجزاؤه فواحد في اثنين واحد له جزءان واثنان في اثنين اثنان له أربعة أجزاء ، وطلاق له جزء ، وطلاق له جزءان ، وثلاثة ، وأربعة ، وأكثر من ذلك سواء .
والثالث إنه جعل المضروب فيه ظرفا للمضروب والطلاق لا يصلح ظرفا إذ ظرف الشيء هو المحتوي عليه ، ولا يتصور احتواء الطلاق على شيء ; لأن الاحتواء من خواص الأجسام ، فلا يصلح ظرفا للمضروب ، فلا يقع ، وهذا لو قال لامرأته : أنت طالق في دخولك الدار ، أو قال لها : أنت طالق في حيضتك لا يقع للحال ; لأنه جعل الدخول والحيض ظرفا ، وإنهما لا يصلحان ظرفا لاستحالة تحقق معنى الظرف فيهما إلا أن ثمة يتعلق الطلاق بالدخول والحيض ، ويجعل في بمعنى مع لمناسبة ; لأن مع كلمة مقارنة والمظروف يقارن الظرف فصار كأنه قال : أنت طالق مع دخول الدار أو مع حيضك ، وههنا لو أراد بفي مع في قوله : في اثنين أو في ثلاث يقع الثلاث .
وكذا لو أراد بكلمة في حرف الواو ; لأن الواو للجمع والظرف يجامع المظروف من جميع الجهات فيجوز استعماله كله والظرف على إرادة المقارنة أو الاجتماع من جهة واحدة والله تعالى الموفق .