( ومنها ) وجملة الكلام فيه أن الطيور نوعان : نوع لا يذرق في الهواء ونوع يذرق في الهواء . خرء بعض الطيور من الدجاج والبط ،
( أما ) ; لوجود معنى النجاسة فيه ، وهو كونه مستقذرا لتغيره إلى نتن وفساد رائحة فأشبه العذرة ، وفي الإوز عن ما لا يذرق في الهواء كالدجاج والبط فخرؤهما نجس روايتان ، روى أبي حنيفة عنه أنه ليس بنجس ، وروى أبو يوسف الحسن عنه أنه نجس ، ( وما ) يذرق في الهواء نوعان أيضا : عندنا وعند ما يؤكل لحمه ، كالحمام ، والعصفور ، والعقعق ، ونحوها ، وخرؤها طاهر ، نجس وجه قوله أن الطبع قد أحاله إلى فساد فوجد معنى النجاسة ، فأشبه الروث والعذرة . الشافعي
( ولنا ) إجماع الأمة فإنهم اعتادوا اقتناء الحمامات في المسجد الحرام والمساجد الجامعة مع علمهم أنها تذرق فيها ، ولو كان نجسا لما فعلوا ذلك مع الأمر بتطهير المسجد ، وهو قوله تعالى : { أن طهرا بيتي للطائفين }
وروي عن رضي الله عنهما أن حمامة ذرقت عليه فمسحه وصلى ، وعن ابن عمر رضي الله عنه مثل ذلك في العصفور ، وبه تبين أن مجرد إحالة الطبع لا يكفي للنجاسة ما لم يكن للمستحيل نتن وخبث رائحة تستخبثه الطباع السليمة ، وذلك منعدم ههنا على أنا إن سلمنا ذلك لكان التحرز عنه غير ممكن ; لأنها تذرق في الهواء فلا يمكن صيانة الثياب والأواني عنه ، فسقط اعتباره للضرورة كدم البق والبراغيث وحكى ابن مسعود في هذه المسألة الإجماع على الطهارة ، ومثله لا يكذب فلئن لم يثبت الإجماع من حيث القول يثبت من حيث الفعل وهو ما بينا . مالك