ولا تجوز وإن ترك وفاء ، أما إذا لم يترك وفاء فلا شك فيه ; لأنه مات عبدا فلا تجوز وصيته . وصية المكاتب في ماله
وأما إذا ترك وفاء فلأنا وإن حكمنا بعتقه فإنما حكمنا به قبيل الموت بلا فصل ، وتلك الساعة لطيفة لا تتسع للفظ الوصية ، ولو فإن وصيته على ثلاثة أوجه : في وجه لا تجوز بالإجماع ، وفي وجه تجوز بالإجماع ، وفي وجه اختلفوا فيه . أوصى ثم أدى الكتابة في حال حياته وعتق
فأما الوجه الذي تجوز بالإجماع فهو أن صحت وصيته بالإجماع ; لأنه أضاف الوصية إلى حال الحرية ، والحر من أهل الوصية . يقول : إذا أعتقت فثلث ما لي وصية فأدى فعتق ثم مات
وأما الوجه الذي لا تجوز بالإجماع وهو أن لا يجوز ; لأنه ما أضاف الوصية إلى حال الحرية وإنما أوصى بعين ماله فيتعلق بملكه في ذلك الوقت وهو ملك المكاتب ، وملك المكاتب لا يحتمل التبرع فلا يجوز إلا إذا أجاز تلك الوصية بعد العتق فتجوز ; لأن الوصية مما يجوز الإجازة ، بدليل أن رجلا لو قال لورثته : أجزت لكم أن تعطوا ثلث مالي فلانا كان ذلك منه وصية . يوصي بعين ماله لرجل فأدى فعتق ثم مات
وأما الوجه الذي اختلفوا فيه ، فهو ما إذا ، قال أوصى بثلث ماله ثم أدى وعتق ثم مات : لا تجوز الوصية إلا أن يحددها بعد العتق ; لأنها تعلقت بملك المكاتب ، وملكه لا يحتمل المعروف ، وقال أبو حنيفة أبو يوسف : تجوز وهذا نظير ما ذكرنا في كتاب العتاق أنه إذا قال العبد أو المكاتب : كل مملوك أملكه إذا أعتقت فهو حر . ومحمد
فأعتق ثم ملك مملوكا يعتق بالإجماع ولو لم يقل : إذا أعتقت لا يعتق بالإجماع ، ولو قال : كل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر فعتق وملك مملوكا لا يعتق في قول ، وعندهما يعتق ، والحجج على نحو ما ذكرنا في العتاق . أبي حنيفة