الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وعلى هذا إذا شهد أحد الشريكين على الآخر بالإعتاق بأن كان العبد بين رجلين وشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتقه وأنكر صاحبه لا تقبل شهادته على صاحبه ويجوز إقراره على نفسه ولم يجز على صاحبه ، ولا يعتق نصيب الشاهد ولا يضمن لصاحبه ويسعى العبد في قيمته بينهما موسرين كانا أو معسرين في قول أبي حنيفة ، وعندهما : إن كان المشهود عليه موسرا فلا سعاية للشاهد على العبد ، وإن كان معسرا فله السعاية عليه ، أما عدم قبول شهادته ; فلأن شهادة الفرد في هذا الباب غير مقبولة ، ولو كانا اثنين لكان لا تقبل شهادتهما أيضا ; لأنهما بشهادتهما يجران المغنم إلى أنفسهما ; لأنهما يثبتان به حق التضمين لأنفسهما ، ولا شهادة لجار المغنم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه بشهادته على صاحبه صار مقرا بفساد نصيبه بإقراره على صاحبه بإعتاق نصيبه ، فشهادته على صاحبه وإقراره عليه إن لم يجز فإقراره بفساد نصيب نفسه جائز ; لأن الإنسان يصدق بإقراره على نفسه خصوصا فيما يتضرر به ، ولا يعتق نصيب الشريك الشاهد ; لأنه لم يوجد منه الإقرار بعتق نصيبه بل بفساد نصيبه وإنما أقر بالعتق في نصيب شريكه ، إلا أن إقراره بالعتق في نصيب شريكه في حق شريكه لم ينفذ ، فينفذ إقراره بالعتق في نصيب شريكه في حقه ولا يضمن الشاهد لشريكه ; لأنه لم يعتق نصيب نفسه .

                                                                                                                                وأما السعاية ; فلأن فساد نصيبه يوجب التخريج إلى العتق بالسعاية ، ويسعى العبد لهما في قيمته بينهما فيسعى للشاهد في نصف قيمته ويسعى للمنكر في نصف قيمته ، سواء كان المنكر موسرا أو معسرا في قول أبي حنيفة ; لأن السعاية ثبتت مع اليسار والإعسار على أصله أما حق الاستسعاء للشاهد وإن كان المشهود عليه موسرا ; فلأن في زعمه أن شريكه قد أعتق وأن له حق التضمين أو الاستسعاء إلا أنه تعذر التضمين ; لأن إقراره لم يجز عليه في حقه فبقي له حق الاستسعاء .

                                                                                                                                وأما المنكر ; فلأن في زعمه أن نصيبه على ملكه ، وقد تعذر [ ص: 97 ] عليه التصرف فيه بإقرار شريكه فكان له أن يستسعى .

                                                                                                                                وأما عندهما فإن كان المنكر موسرا فلا سعاية للشاهد على العبد ; لأنه يزعم أنه عتق بإعتاق شريكه وأنه لا يستحق إلا الضمان ; لأن السعاية لا تثبت مع اليسار على أصلهما ، وإن كان معسرا فللشاهد أن يستسعى .

                                                                                                                                وأما المنكر فيستسعى على كل حال بالإجماع معسرا كان أو موسرا ; لأن نصيبه على ملكه ولم يوجد منه الإقرار بسقوط حقه عن السعاية ، فإن أعتق كل واحد منهما بعد ذلك نصيبه قبل الاستسعاء جاز في قول أبي حنيفة ; لأن نصيب المنكر على ملكه ، وكذلك نصيب الشاهد عنده ; لأن الإعتاق يتجزأ ، فإذا أعتقا نفذ عتقهما والولاء بينهما ; لأن العتق منهما ، وكذلك إن استسعيا وأدى السعاية فالولاء لهما .

                                                                                                                                وأما على قولهما فالولاء في نصيب الشاهد موقوف ; لأن في زعم الشاهد أن جميع الولاء لشريكه ; لأن الإعتاق لا يتجزأ على أصلهما ، وشريكه يجحد ذلك فيسلم له النصف ويوقف له النصف .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية