وأما فنحو أن يقر رجل أنه مولى لفلان ، مولى عتاقة من فوق أو تحت وصدقه الآخر ، وهو مولاه يرثه ويعقل عنه قومه ; لأن الولاء سبب يتوارث به فيصح الإقرار به كالنسب والنكاح فإن كان له أولاد كبار فأنكروا ذلك وقالوا : أبونا مولى العتاقة لفلان آخر ، فالأب مصدق على نفسه ، وأولاده مصدقون على أنفسهم ; لأنه لا ولاية للأب على الأولاد الكبار ، فلا ينفذ إقراره عليهم ، ويصح إقرارهم على أنفسهم ; لأن لهم ولاية على أنفسهم وإن كان الأولاد صغارا كان الأب مصدقا ; لأنه له ولاية على أولاده الصغار . الإقرار
ألا ترى أنه لو عقد مع إنسان عقد الولاء تبعه أولاده الصغار ؟ وإن كذبته الأم ونفت ولاءه لم يلتفت إلى قولها ، ويؤخذ بقول الأب ; لأن الأب إذا كان حيا كانت الولاية له ، والولاء يشبه النسب ، والنسب إلى الآباء وكذلك إن قالت : هم ولدي من غيرك لم تصدق ; لأنهم في يد الأب دون الأم ، فلا تصدق الأم أنهم لغيره .
فإن قالت ولدته بعد عتقي بخمسة أشهر فهو مولى الموالي ، وقال الزوج : ولدتيه بعد عتقك بستة أشهر .
فالقول قول الزوج ; لأن الولد ظهر في حال يكون ولاؤه لمولى الأب ، والمرأة تدعي أنها ولدت في حال يكون ولاؤه لمولى الأم فكان الحال شاهدا للزوج ، فلا يقبل قولها إلا ببينة ، ونظير هذا الزوج والمرأة ، إذا اختلفا فقال أحدهما : كان النكاح قبل ستة أشهر والولد من الزوج ، وقال الآخر : كان النكاح منذ أربعة أشهر .
فالقول قول الذي يدعي أن النكاح قبل ستة أشهر ; لأن الولد ظهر في حال إثبات النسب من الزوج ، وهو حال قيام النكاح ; لأنه سبب التوارث فيستوي فيه الصحة والمرض ، كالنسب والنكاح ، ولو قال : أعتقني فلان أو فلان وادعاه كل واحد منهما على صاحبه فهذا الإقرار باطل ; لأنه إقرار بمجهول ، فإن أقر بعد ذلك لأحدهما أو لغيره أنه مولاه [ ص: 170 ] جاز ; لأن إقراره الأول وقع باطلا لجهالة المقر له ، والولاء لا يثبت من المجهول كالنسب ، فبطل والتحق بالعدم فبعد ذلك له أن يقر لمن شاء والله عز وجل أعلم . ويصح الإقرار بولاء العتاقة في الصحة والمرض