وعلى هذا يخرج ما إذا نحو ما إذا كان بين اثنين طعام فاستأجر أحدهما صاحبه على أن يحمل نصيبه إلى مكان معلوم والطعام غير مقسوم فحمل الطعام كله أو استأجر غلام صاحبه أو دابة صاحبه على ذلك ; أنه لا تجوز هذه الإجارة عند أصحابنا وإذا حمل لا أجر له وعند استأجر رجلا على العمل في شيء هو فيه شريكه : هذه الإجارة جائزة وله الأجر إذا حمل . الشافعي
وجه قوله : إن الأجر تابع نصف منفعة الحمل الشائعة من شريكه ; لأن الإجارة بيع المنفعة فتصح في الشائع كبيع العين وهذا ; لأن عمله - وهو الحمل - وإن صادف محلا مشتركا وهو لا يستحق الأجرة بالعمل في نصيب نفسه فيستحقها بالعمل في نصيب شريكه .
ولنا أنه أجر ما لا يقدر على إيفائه لتعذر تسليم الشائع بنفسه فلم يكن المعقود عليه مقدور الاستيفاء وإنما لا يجب الأجر أصلا ; لأنه لا يتصور استيفاء المعقود عليه إذ لا يتصور حمل نصف الطعام تبايعا ووجوب أجر المثل يقف على استيفاء المعقود عليه ولم يوجد فلا يجب بخلاف ما إذا استأجر من رجل بيتا له ليضع فيه طعاما مشتركا بينهما أو سفينة أو جوالقا أن الإجارة جائزة ; لأن التسليم ثمة يتحقق بدون الوضع [ ص: 191 ] بدليل أنه لو سلم السفينة والبيت والجوالق ولم يضع وجب الأجر وههنا لا يتحقق بدون العمل وهو الحمل والمشاع غير مقدور الحمل بنفسه ، وذكر عن ابن سماعة في طعام بين رجلين ولأحدهما سفينة وأرادا أن يخرجا الطعام من بلدهما إلى بلد آخر فاستأجر أحدهما نصف السفينة من صاحبه أو أراد أن يطحنا الطعام فاستأجر أحدهما نصف الرحى الذي لشريكه أو استأجر أنصاف جوالقه ليحمل عليه الطعام إلى محمد مكة فهو جائز وهذا على قول من يجيز إجارة المشاع والأصل فيه أن كل موضع لا يستحق فيه الأجرة إلا بالعمل لا تجوز الإجارة فيه على العمل في الحمل مشتركة وما يستحق فيه الأجرة من غير عمل تجوز الإجارة فيه لوضع العين المشتركة في المستأجر وفقه هذا الأصل ما ذكرنا أن ما لا تجب الأجرة فيه إلا بالعمل فلا بد من إمكان إيفاء العمل ، ولا تمكين من العين المشتركة فلا يكون المعقود عليه مقدور التسليم فلا يكون مقدور الاستيفاء فلم تجز الإجارة وما لا يقف وجوب الأجرة فيه على العمل كان المعقود عليه مقدور التسليم والاستيفاء بدونه ; فتجوز الإجارة .