ثم في النوع الآخر إذا . هل له ذلك ؟ ينظر إن كان لعمله أثر ظاهر في العين كالخياط والقصار والصباغ والإسكاف له ذلك ; لأن ذلك الأثر هو المعقود عليه وهو صيرورة الثوب مخيطا مقصورا . أراد الأجير حبس العين بعد الفراغ من العمل لاستيفاء الأجرة
وإنما العمل يحصل ذلك الأثر عادة ، والبدل يقابل ذلك الأثر ، فكان كالمبيع ، فكان له أن يحبسه لاستيفاء الأجرة ، كالمبيع قبل القبض أنه يحبس لاستيفاء الثمن إذا لم يكن الثمن مؤجلا ، ; لأنه مبيع هلك قبل القبض ، وهل يجب الضمان ؟ فعند ولو هلك قبل التسليم تسقط الأجرة لا يجب ، وعندهما يجب ; لأنه يجب قبل الحبس عندهما ، فبعد الحبس أولى . أبي حنيفة
والمسألة تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى ، وإن لم يكن لعمله أثر ظاهر في العين كالحمال والملاح والمكاري ليس له أن يحبس العين ; لأن ما لا أثر له في العين فالبدل إنما يقابل نفس العمل ، إلا أن العمل كله كشيء واحد ، إذ لا ينتفع ببعضه دون بعض ، فكما فرغ حصل في يد المستأجر فلا يملك حبسه عنه بعد طلبه كاليد المودعة ; ولهذا لا يجوز حبس الوديعة بالدين ، ولو حبسه فهلك قبل التسليم لا تسقط الأجرة ; لما ذكرنا أنه كما وقع في العمل حصل مسلما إلى المستأجر لحصوله في يده ، فتقررت عليه الأجرة فلا تحتمل السقوط بالهلاك ، ويضمن ; لأنه حبسه بغير حق فصار غاصبا بالحبس ، ونص على الغصب فقال : فإن حبس الحمال المتاع في يده فهو غاصب . محمد
ووجهه ما ذكرنا أن العين كانت أمانة في يده ، فإذا حبسها بدينه فقد صار غاصبا ، كما لو حبس المودع الوديعة بالدين .
هذا الذي ذكرنا أن العمل لا يصير مسلما إلى المستأجر إلا بعد الفراغ منه ; حتى لا يملك الأجير المطالبة بالأجرة قبل الفراغ إذا كان المعمول فيه في يد الأجير .