الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ، ولو استأجرها ليحمل عليها عشرة أقفزة حنطة فحمل عليها أحد عشر فإن سلمت فعليه ما سمى من الأجرة ، ولا ضمان عليه .

                                                                                                                                وإن عطبت ضمن جزءا من أحد عشر جزءا من قيمة الدابة ، وهو قول عامة العلماء .

                                                                                                                                وقال زفر وابن أبي ليلى : يضمن قيمة كل الدابة ; لأن التلف حصل بالزيادة فكانت الزيادة علة التلف ، ولنا أن تلف الدابة حصل بالثقل ، والثقل بعضه مأذون فيه ، وبعضه غير مأذون فيه ، فيقسم التلف أحد عشر [ ص: 214 ] جزءا فيضمن بقدر ذلك ، ونظير هذا ما قال أصحابنا في حائط بين شريكين أثلاثا مال إلى الطريق فأشهد على أحدهما دون الآخر فسقط الحائط على رجل فقتله فعلى الذي أشهد عليه قدر نصيبه ; لأنه مات من ثقل الحائط ، وثقل الحائط أثلاث ، كذا هذا ، وعليه الأجر ; لأنه استوفى المعقود عليه ، وهو حمل عشرة مخاتيم ، وإنما خالف في الزيادة ، وأنها استوفيت من غير عقد فلا أجر لها ، وكذا لو استأجر سفينة ليطرح فيها عشرة أكرار فطرح فيها أحد عشر فغرقت السفينة أنه يجب الضمان بقدر الزيادة عند عامة العلماء ، وعند زفر وابن أبي ليلى يضمن قيمة كل السفينة ; لأن التلف حصل بقدر الزيادة فهي علة التلف .

                                                                                                                                ألا ترى أنه لو لم يزد لما حصل التلف ؟ والجواب أن هذا ممنوع بل التلف حصل بالكل ، ألا ترى أن الكر الزائد لو انفرد لما حصل به التلف ؟ فثبت أن التلف حصل بالكل ، والبعض مأذون فيه ، والبعض غير مأذون فيه فما هلك بما هو مأذون فيه لا ضمان عليه فيه ، وما هلك بما هو غير مأذون فيه ففيه الضمان ، وصار كمسألة الحائط .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية