( فصل ) :
وأما سننها فكثيرة ، بعضها صلاة بنفسه ، وبعضها من لواحق الصلاة .
أما الذي هو الصلاة بنفسه فالسنن [ ص: 199 ] المعهودة التي يؤدي بعضها قبل المكتوبة وبعضها بعد المكتوبة ولها فصل منفرد نذكرها فيه بعلائقها .
وأما الذي هو من لواحق الصلاة فثلاثة أنواع : نوع يؤتى به عند الشروع في الصلاة ، ونوع يؤتى به بعد الشروع في الصلاة ، ونوع يؤتى به عند الخروج من الصلاة .
أما الذي يؤتى به عند الشروع في الصلاة فسنن الافتتاح وهي أنواع ، منها أن ; لأن اشتراط النية لإخلاص العمل لله تعالى ، وقران النية أقرب إلى تحقيق معنى الإخلاص فكان أفضل وهذا عندنا ، وعند تكون النية مقارنة للتكبير فرض والمسألة قد مرت . الشافعي
( ومنها ) ولم يذكره في كتاب الصلاة نصا ولكنه أشار إليه في كتاب الحج فقال : وإذا أردت أن تحرم بالحج إن شاء الله فقل اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني ، فكذا في باب الصلاة ينبغي أن يقول : اللهم إني أريد صلاة كذا فيسرها لي وتقبلها مني ; لأن هذا سؤال التوفيق من الله تعالى للأداء والقبول بعده فيكون مسنونا . أن يتكلم بلسانه ما نواه بقلبه
( ومنها ) لما روي عن حذف التكبير إبراهيم النخعي موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { الأذان جزم ، والإقامة جزم ، والتكبير جزم } ولأن إدخال المد في ابتداء اسم الله تعالى يكون للاستفهام والاستفهام يكون للشك والشك في كبرياء الله تعالى كفر ، ; لأنه على وزن أفعل ، وأفعل لا يحتمل المد لغة ، ومنها وقوله أكبر لا مد فيه والكلام فيه يقع في مواضع في أصل الرفع ، وفي وقته ، وفي كيفيته ، وفي محله . رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح
أما أصل الرفع فلما روي عن وابن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا عليهما ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { عمر } وذكر من جملتها تكبيرة الافتتاح ، وعن لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن رضي الله عنه أنه كان في عشرة رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : هات ، فقال : رأيته إذا كبر عند فاتحة الصلاة رفع يديه وعلى هذا إجماع السلف . أبي حميد الساعدي
وأما فوقت التكبير مقارنا له ; لأنه سنة . وقته
التكبير شرع لإعلام الأصم الشروع في الصلاة ولا يحصل هذا المقصود إلا بالقران .
وأما فلم يذكر في ظاهر الرواية ، وذكر كيفيته أنه يرفع يديه ناشرا أصابعه مستقبلا بهما القبلة ، فمنهم من قال : أراد بالنشر تفريج الأصابع ، وليس كذلك بل أراد أن يرفعهما مفتوحتين لا مضمومتين حين تكون الأصابع نحو القبلة ، وعن الفقيه الطحاوي أبي جعفر الهندواني أنه لا يفرج كل التفريج ولا يضم كل الضم بل يتركهما على ما عليه الأصابع في العادة بين الضم والتفريج .
وأما فقد ذكر في ظاهر الرواية أنه يرفع يديه حذاء أذنيه وفسره محله في المجرد فقال : قال : الحسن بن زياد يرفع حتى يحاذي بإبهاميه شحمة أذنيه وكذلك في كل موضع ترفع فيه الأيدي عند التكبير ، وقال أبو حنيفة : يرفع حذو منكبيه ، وقال الشافعي : حذاء رأسه احتج مالك بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان { الشافعي } . إذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه حذو منكبيه
( ولنا ) ما روى في الأمالي بإسناده عن أبو يوسف أنه قال : { البراء بن عازب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه حذاء أذنيه } ولأن هذا الرفع شرع لإعلام الأصم الشروع في الصلاة ولهذا لم يرفع في تكبيرة هي علم للانتقال عندنا ; لأن الأصم يرى الانتقال فلا حاجة إلى رفع اليدين وهذا المقصود إنما يحصل إذا رفع يديه إلى أذنيه .
وأما الحديث فالتوفيق عند تعارض الأخبار واجب فما روي محمول على حالة العذر حين كانت عليهم الأكسية والبرانس في زمن الشتاء فكان يتعذر عليهم الرفع إلى الأذنين يدل عليه ما روى أنه قال : قدمت وائل بن حجر المدينة فوجدتهم يرفعون أيديهم إلى الآذان ثم قدمت عليهم من القابل وعليهم الأكسية والبرانس من شدة البرد فوجدتهم يرفعون أيديهم إلى المناكب ، أو نقول : المراد بما روينا رءوس الأصابع ، وبما روي الأكف والأرساغ عملا بالدلائل بقدر الإمكان .
وهذا حكم الرجل فأما المرأة فلم يذكر حكمها في ظاهر الرواية .
وروى الحسن عن أنها ترفع يديها حذاء أذنيها كالرجل سواء ; لأن كفيها ليسا بعورة ، وروى أبي حنيفة محمد بن مقاتل الرازي عن أصحابنا أنها ترفع يديها حذو منكبيها لأن ذلك أستر لها وبناء أمرهن على الستر ألا ترى أن الرجل يعتدل في سجوده ويبسط ظهره في ركوعه والمرأة تفعل كأستر ما يكون لها ؟ .