وأما ذكر القعدة فالتشهد والكلام في التشهد في مواضع ، في بيان ، وفي بيان كيفية التشهد ، وفي بيان أنه واجب أو سنة ، وفي بيان سنة التشهد . قدر التشهد
أما الأول فقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم في كيفيته وأصحابنا أخذوا بتشهد وهو أن يقول : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن عبد الله بن مسعود محمدا عبده ورسوله ، أخذ بتشهد والشافعي وهو أن يقول : التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن عبد الله بن عباس محمدا رسول الله أخذ بتشهد ومالك رضي الله عنه وهو أن يقول [ ص: 212 ] التحيات الناميات الزاكيات المباركات الطيبات لله والباقي كتشهد عمر رضي الله عنه ومن الناس من اختار تشهد ابن مسعود وهو أن يقول التحيات لله الطيبات والصلوات لله والباقي كتشهد أبي موسى الأشعري . ابن مسعود
وفي هذا حكاية فإنه روي أن أعرابيا دخل على فقال : أبواو أم بواوين ؟ فقال : بواوين ، فقال الأعرابي : بارك الله فيك كما بارك في لا ولا ، ثم ولى فتحير أصحابه فسألوه عن سؤاله فقال : إن هذا سألني عن التشهد أبواوين كتشهد أبي حنيفة أم بواو كتشهد ابن مسعود ؟ فقلت : بواوين ، قال : بارك الله فيك كما بارك في شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ، وإنما أوردت هذه الحكاية ليعلم كمال فطنة أبي موسى الأشعري ونفاذ بصيرته حيث كان يقف على المراد بحرف تغمده الله برحمته ، احتج أبي حنيفة بأن الشافعي كان من شبان الصحابة وإنما كان يختار ما استقر عليه الأمر فأما ابن عباس فهو من الشيوخ ينقل ما كان في الابتداء كما نقل عنه التطبيق وغيره ; ولأن هذا موافق لكتاب الله ; لأن فيه وصف التحية بالبركة على ما قال الله تعالى { ابن مسعود تحية من عند الله مباركة طيبة } وفيه ذكر السلام منكرا كما في قوله تعالى { نوح في العالمين سلام على } { إبراهيم سلام على } { موسى وهارون سلام على } { سلام قولا من رب رحيم } فكان الأخذ به أولى .
واحتج بأن مالك رضي الله عنه علم الناس التشهد بهذه الصفة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا ما روي عن عمر أنه قال : { عبد الله بن مسعود } وأخذ اليد عند التعليم لتأكيد التعليم وتقريره عند المتعلم ، وكذا أمر به بقوله : قل وكذا علق تمام الصلاة بهذا التشهد فمن لم يأت به لا توصف صلاته بالتمام ; ولأن هذا التشهد هو المستفيض في الأمة الشائع في الصحابة فإنه روي عن أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي وعلمني التشهد كما كان يعلمني السورة من القرآن وقال : قل التحيات لله والصلوات والطيبات إلى آخرها ، وقال : إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك رضي الله عنه أنه علم الناس التشهد على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان إجماعا ، وكذا روى أبي بكر الصديق عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يعلم الناس التشهد كما يعلم الصبيان في الكتاب ، وذكر مثل تشهد الصديق ، وكذا روي عن ابن مسعود أنه علم الناس التشهد على المنبر على نحو ما نقله معاوية ، وكذا المروي عن { ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد علي } وذكر تشهد وكذا المروي عن ابن مسعود رضي الله عنها وقالت هكذا تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن تشهد عائشة أبلغ في الثناء ; لأن الواو توجب عطف بعض الكلمات على البعض فكان كل لفظ ثناء على حدة وفيما ذكره ابن مسعود إخراج الكلام مخرج الصفة فيكون الكل كلاما واحدا كما في اليمين فإن قوله والله والرحمن والرحيم ثلاثة أيمان ، وقوله والله الرحمن الرحيم يمين واحد وكذا السلام في التشهد مذكور بالألف واللام ، وفي ذلك التشهد مذكور على طريق التنكير ولا شك أن اللام أبلغ ; لأن اللام لاستغراق الجنس مع أن هذا موافق لكتاب الله أيضا قال الله تعالى { ابن عباس والسلام على من اتبع الهدى } { والسلام علي يوم ولدت } وما ذكر من الترجيح غير سديد ; لأنه يؤدي إلى تقديم رواية الأحداث على رواية المهاجرين ، واحد لا يقول به وما ذكره الشافعي ضعيف فإن مالك رضي الله عنه علم الناس التشهد على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو تشهد أبا بكر فكان الأخذ به أولى . ابن مسعود