ومنها أن يكون حتى إنه لو خرج عن المسجد قبل أن يقدم هو أو يقدم القوم إنسانا أو يتقدم أحد بنفسه فصلاة القوم فاسدة ; لأنه اختلف مكان الإمام والقوم فبطل الاقتداء لفوت شرطه وهو اتحاد المكان وهذا لأن غيره إذا لم يتقدم بقي هو إماما في نفسه كما كان ; لأنه إنما يخرج عن الإمامة لقيام غيره مقامه وانتقال الإمامة إليه ولم يوجد والمكان قد اختلف حقيقة وحكما ، أما الحقيقة فلا تشكل . الاستخلاف قبل خروج الإمام من المسجد
وأما الحكم فلأن لا يجوز بخلاف ما إذا كان بعد في المسجد ; لأن المسجد كله بمنزلة بقعة واحدة حكما ولهذا حكم بجواز الاقتداء في المسجد وإن لم تتصل الصفوف كذلك فسدت صلاتهم بخلاف المقتدي إذا سبقه الحدث وخرج من المسجد حيث لم تفسد صلاته وإن فات شرط صحة الاقتداء وهو اتحاد المكان فإن هناك ضرورة ; لأن صيانة صلاته لن تحصل إلا بهذا الطريق بخلاف ما إذا كان الإمام هو الذي سبقه الحدث فإن صيانة صلاة القوم تمكنه بأن يستخلف الإمام أو يقدم القوم رجلا أو يتقدم واحد منهم فإذا لم يفعلوا فقد فرضوا وما سعوا في صيانة صلاتهم فتفسد عليهم . من كان خارج المسجد إذا اقتدى بمن يصلي في المسجد وليست الصفوف متصلة
وأما المقتدي فليس شيء منها في وسعه فبقيت صلاته صحيحة ليتمكن من الإتمام .
وأما حال صلاة الإمام فلم يذكر في الأصل وذكر أن صلاته تفسد أيضا ; لأن ترك استخلافه لما أثر في فساد صلاة القوم فلأن يؤثر في فساد صلاته أولى ، وذكر الطحاوي أبو عصمة أن صلاته لا تفسد وهو الصحيح ; لأنه بمنزلة المنفرد في حق نفسه ، والمنفرد الذي سبقه الحدث فذهب ليتوضأ بقيت صلاته صحيحة كذا هذا .
فسدت صلاة القوم في قول ولو كان خارج المسجد صفوف متصلة فخرج الإمام من المسجد ولم يجاوز الصفوف أبي حنيفة وعند وأبي يوسف لا تفسد حتى لو محمد لا يصح عندهما وعنده يصح . استخلف [ ص: 227 ] الإمام رجلا من الصفوف الخارجة
وجه قول أن مواضع الصفوف لها حكم المسجد ألا ترى أنه لو صلى في الصحراء جاز استخلافه ما لم يجاوز الصفوف ؟ فجعل الكل كمكان واحد ولهما أن البقعة مختلفة حقيقة وحكما في الأصل إلا أنه أعطى لها حكم الاتحاد إذا كانت الصفوف متصلة بالمسجد في حق الخارج عن المسجد خاصة لضرورة الحاجة إلى الأداء فلا يظهر الاتحاد في حق غيره ألا ترى أن محمد وإذا ظهر حكم اختلاف البقعة في حق المستخلف لم يصح الاستخلاف هذا إذا كان يصلي في المسجد فإن كان يصلي في الصحراء فمجاوزة الصفوف بمنزلة الخروج من المسجد إن مشى على يمينه أو على يساره أو خلفه فإن مشى أمامه وليس بين يديه سترة فإن جاوز مقدار الصفوف التي خلفه أعطي له حكم الخروج عند بعضهم ، وهكذا روي عن الإمام لو كبر يوم الجمعة وحده في المسجد وكبر القوم بتكبيره خارج المسجد لم تنعقد الجمعة ؟ وعند بعضهم إذا جاوز موضع سجوده وإن كان بين يديه سترة يعطى لداخل السترة حكم المسجد لما مر . أبي يوسف