فصل
أوقات الإجابة
وإذا جمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب ، وصادف وقتا من الستة ، وهي : أوقات الإجابة
الثلث الأخير من الليل ، وعند الأذان ، وبين الأذان والإقامة ، وأدبار الصلوات المكتوبات ، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة من ذلك اليوم ، وآخر ساعة بعد العصر .
وصادف خشوعا في القلب ، وانكسارا بين يدي الرب ، وذلا له ، وتضرعا ، ورقة .
واستقبل الداعي القبلة .
وكان على طهارة .
ورفع يديه إلى الله .
وبدأ بحمد الله والثناء عليه .
ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .
ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار .
ثم دخل على الله ، وألح عليه في المسألة ، وتملقه ودعاه رغبة ورهبة .
وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده .
وقدم بين يدي دعائه صدقة ، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا ، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها مظنة الإجابة ، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم .
أدعية مأثورة
فمنها ما في السنن ( وفي ) صحيح من حديث ابن حبان عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن بريدة الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، فقال : لقد سأل الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب وفي لفظ : لقد سألت الله باسمه الأعظم . اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت ، سمع رجلا يقول :
[ ص: 13 ] وفي السنن وصحيح أيضا من حديث ابن حبان أنس بن مالك أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا ورجل يصلي ، ثم دعا فقال : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى .
أخرج الحديثين أحمد في مسنده .
وفي جامع الترمذي ، من حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أسماء بنت يزيد وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم [ سورة البقرة : 163 ] .
وفاتحة آل عمران الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ، قال اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
وفي مسند أحمد وصحيح الحاكم من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وربيعة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : - يعني : تعلقوا بها والزموا وداوموا عليها . ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام
وفي جامع الترمذي من حديث - رضي الله عنه - أبي هريرة . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء ، وإذا اجتهد في الدعاء ، قال : يا حي يا قيوم
وفيه أيضا من حديث ، قال : أنس بن مالك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر قال : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث .
وفي صحيح الحاكم من حديث أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الحي القيوم ) . اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن : البقرة ، وآل عمران ، وطه ، قال القاسم : فالتمستها فإذا هي آية (
وفي جامع الترمذي وصحيح الحاكم من حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : سعد بن أبي وقاص ذي النون ، إذ دعا وهو في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين [ سورة الأنبياء : 87 ] إنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له . قال دعوة الترمذي : حديث صحيح .
[ ص: 14 ] وفي مستدرك الحاكم أيضا من حديث سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذي النون . ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم أمر مهم ، فدعا به يفرج الله عنه ؟ دعاء
وفي صحيحه أيضا عنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : يونس ، فقال رجل : يا رسول الله ، هل كان هل أدلكم على اسم الله الأعظم ؟ دعاء ليونس خاصة ؟ فقال ألا تسمع قوله : فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين [ سورة الأنبياء : 88 ] فأيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر شهيد ، وإن برئ برئ مغفورا له .
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس
وفي مسند الإمام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب : لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ، ورب الأرض ، ورب العرش الكريم . أحمد من حديث - رضي الله عنه - قال : علي بن أبي طالب . علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل بي كرب أن أقول : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين
وفي مسنده أيضا من حديث قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : عبد الله بن مسعود ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك اللهم بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي ؛ إلا أذهب الله همه وحزنه ، وأبدله مكانه فرحا ، فقيل : يا رسول الله ، ألا نتعلمها ؟ قال : بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن ، فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، .
وقال : ما كرب نبي من الأنبياء ، إلا استغاث بالتسبيح . ابن مسعود
وذكر في كتاب المجابين ، وفي الدعاء عن ابن أبي الدنيا الحسن ، قال : كان رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار يكنى أبا معلق وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره ، يضرب به في الآفاق ، وكان ناسكا ورعا ، فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح ، فقال له : ضع ما معك فإني قاتلك ، قال : فما تريده من دمي ؟ شأنك بالمال ، قال : أما المال فلي ، ولست أريد إلا دمك ، قال : أما إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات ، قال صل ما بدا لك ، فتوضأ ثم صلى أربع ركعات ، فكان من دعائه في آخر سجوده أن قال : يا ودود يا ودود ، يا ذا العرش
[ ص: 15 ] المجيد ، يا فعالا لما تريد ، أسألك بعزك الذي لا يرام ، وبملكك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص ، يا مغيث أغثني ، ثلاث مرات ، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة قد وضعها بين أذني فرسه ، فلما بصر به اللص أقبل نحوه ، فطعنه فقتله ، ثم أقبل إليه ، فقال : قم ، فقال : من أنت بأبي أنت وأمي ؟ فقد أغاثني الله بك اليوم ، فقال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة ، دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ، ثم دعوت بدعائك الثاني ، فسمعت لأهل السماء ضجة ، ثم دعوت بدعائك الثالث ، فقيل لي : دعاء مكروب فسألت الله أن يوليني قتله ، قال الحسن : فمن توضأ وصلى أربع ركعات ، ودعا بهذا الدعاء ، استجيب له ، مكروبا كان أو غير مكروب .