فصل
واطئ البهيمة
وأما واطئ البهيمة فللفقهاء فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه يؤدب ، ولا حد عليه ، وهذا قول مالك وأبي حنيفة والشافعي في أحد قوليه ، وهو قول إسحاق .
والقول الثاني : أن حكمه حكم الزاني ، يجلد إن كان بكرا ، ويرجم إن كان محصنا ، وهذا قول الحسن .
والقول الثالث : أن حكمه حكم اللوطي ، نص عليه أحمد ، فيخرج على الروايتين في حده ، هل هو القتل حتما أو هو كالزاني ؟
والذين قالوا : " حده القتل " احتجوا بما رواه أبو داود من حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : من أتى بهيمة فاقتلوه ، واقتلوها معه .
قالوا : ولأنه وطء لا يباح بحال ؛ فكان فيه القتل كحد اللوطي .
ومن لم ير حدا قالوا : لم يصح فيه الحديث ، ولو صح لقلنا به ، ولم يحل لنا مخالفته .
قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي : سألت أحمد عن الذي يأتي البهيمة ، فوقف عندها ، ولم يثبت حديث عمرو بن أبي عمرو في ذلك .
وقال الطحاوي : الحديث ضعيف ، وأيضا فراويه ابن عباس ، وقد أفتى بأنه لا حد عليه ، قال أبو داود : وهذا يضعف الحديث .
ولا ريب أن الزاجر الطبعي عن إتيان البهيمة أقوى من الزاجر الطبعي عن التلوط ، وليس الأمر أنهما في طباع الناس سواء ، فإلحاق أحدهما بالآخر من أفسد القياس كما تقدم .


