عصر : العصر ، والعصر ، والعصر ، والعصر - الأخيرة عن اللحياني - : الدهر . قال الله تعالى : والعصر إن الإنسان لفي خسر قال الفراء : العصر الدهر ، أقسم الله تعالى به ، وقال : العصر ما يلي المغرب من النهار ، وقال ابن عباس قتادة : هي ساعة من ساعات النهار ، وقال امرؤ القيس في العصر :
وهل يعمن من كان في العصر الخالي
؟ والجمع أعصر ، وأعصار ، وعصر ، وعصور ، قال العجاج :والعصر قبل هذه العصور مجرسات غرة الغرير
ولن يلبث العصران يوم وليلة إذا طلبا أن يدركا ما تيمما
[ ص: 170 ]
وأمطله العصرين حتى يملني ويرضى بنصف الدين والأنف راغم
تروح بنا يا عمرو قد قصر العصر وفي الروحة الأولى الغنيمة والأجر
وقال أبو العباس : الصلاة الوسطى صلاة العصر ، وذلك لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل ، قال : والعصر الحبس ، وسميت عصرا ; لأنها تعصر ، أي تحبس عن الأولى ، وقالوا : هذه العصر - على سعة الكلام - يريدون صلاة العصر . وأعصرنا : دخلنا في العصر ، وأعصرنا أيضا : كأقصرنا ، وجاء فلان عصرا ، أي بطيئا . والعصار : الحين ، يقال : جاء فلان على عصار من الدهر ، أي حين . وقال أبو زيد : يقال نام فلان وما نام العصر ، أي وما نام عصرا ، أي لم يكد ينام . وجاء ولم يجئ لعصر ، أي لم يجئ حين المجيء ، وقال : ابن أحمر
يدعون جارهم وذمته علها وما يدعون من عصر
جارية بسفوان دارها تمشي الهوينا ساقطا خمارها
قد أعصرت أو قد دنا إعصارها
وفنقها المراضع والعصور
وفي حديث : ابن عباس كان إذا قدم دحية لم يبق معصر إلا خرجت تنظر إليه من حسنه ، قال ابن الأثير : المعصر الجارية أول ما تحيض ; لانعصار رحمها ، وإنما خص المعصر بالذكر للمبالغة في خروج غيرها من النساء . وعصر العنب ونحوه مما له دهن أو شراب أو عسل يعصره عصرا ، فهو معصور ، وعصير ، واعتصره : استخرج ما فيه ، وقيل : عصره ولي عصر ذلك بنفسه ، واعتصره إذا عصر له خاصة ، واعتصر عصيرا اتخذه ، وقد انعصر وتعصر . وعصارة الشيء وعصاره وعصيره : ما تحلب منه إذا عصرته ، قال :فإن العذارى قد خلطن للمتي عصارة حناء معا وصبيب
حتى إذا ما أنضجته شمسه وأنى فليس عصاره كعصار ، وقيل : العصار جمع عصارة ، والعصارة : ما سال عن العصر وما بقي من الثفل أيضا بعد العصر ، وقال الراجز :
عصارة الخبز الذي تحلبا
ويروى : تحلبا ، يقال تحلبت الماشية بقية العشب وتلزجته ، أي أكلته ، يعني بقية الرطب في أجواف حمر الوحش . وكل شيء عصر ماؤه ، فهو عصير ، وأنشد قول الراجز :وصار ما في الخبز من عصيره إلى سرار الأرض أو قعوره
وما كان وقافا بدار معصر
وقال أبو زبيد :صاديا يستغيث غير مغاث ولقد كان عصرة المنجود
وكأن سهك المعصرات كسونها ترب الفدافد والبقاع بمنخل
تبسم لمح البرق عن متوضح كنور الأقاحي شاف ألوانها العصر
وذي أشر كالأقحوان تشوفه ذهاب الصبا والمعصرات الدوالح
إذا ما جد واستذكى عليها أثرن عليه من رهج عصارا
وبينما المرء في الأحياء مغتبط إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير
لو كان في أملاكنا واحد يعصر فينا كالذي تعصر
وإنما العيش بربانه وأنت من أفنانه معتصر
فمن واستبقى ولم يعتصر
وكل شيء منعته فقد عصرته . وفي حديث القاسم : أنه سئل عن العصرة للمرأة ، فقال : لا أعلم رخص فيها إلا للشيخ المعقوف المنحني ، العصرة هاهنا : منع البنت من التزويج ، وهو من الاعتصار : المنع ، أراد ليس لأحد منع امرأة من التزويج إلا شيخ كبير أعقف له بنت وهو مضطر إلى استخدامها .واعتصر عليه : بخل عليه بما عنده ومنعه . واعتصر ماله : استخرجه من يده . وفي حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قضى أن الوالد يعتصر ولده فيما أعطاه ، وليس للولد أن يعتصر من والده ; لفضل الوالد على الولد . قوله : يعتصر ولده ، أي له أن يحبسه عن الإعطاء ويمنعه إياه . وكل شيء منعته وحبسته فقد اعتصرته ، وقيل : يعتصر يرتجع . واعتصر العطية : ارتجعها ، والمعنى أن الوالد إذا أعطى ولده شيئا فله أن يأخذه منه ، ومنه حديث : الشعبي يعتصر الوالد على ولده في ماله ، قال ابن الأثير : وإنما عداه بعلى لأنه في معنى يرجع عليه ويعود عليه . وقال أبو عبيد : المعتصر الذي يصيب من الشيء يأخذ منه ويحبسه ، قال : ومنه قوله تعالى : فيه يغاث الناس وفيه يعصرون . وحكى في كلام له : قوم يعتصرون العطاء ويعيرون النساء ، قال : يعتصرونه : يسترجعونه بثوابه . تقول : أخذت عصرته ، أي ثوابه أو الشيء نفسه ، قال : والعاصر والعصور هو الذي يعتصر ويعصر من مال ولده شيئا بغير إذنه . قال ابن الأعرابي العتريفي : الاعتصار أن يأخذ الرجل مال ولده لنفسه أو يبقيه على ولده ، قال : ولا يقال : اعتصر فلان مال فلان إلا أن يكون قريبا له ، قال : ويقال للغلام أيضا : اعتصر مال أبيه ، إذا أخذه ، قال : ويقال : فلان عاصر ، إذا كان ممسكا ، ويقال : هو عاصر قليل الخير ، وقيل : الاعتصار على وجهين : يقال : اعتصرت من فلان شيئا إذا أصبته منه ، والآخر أن تقول : أعطيت فلانا عطية فاعتصرتها ، أي رجعت فيها ، وأنشد :
ندمت على شيء مضى فاعتصرته وللنحلة الأولى أعف وأكرم
وأما الذي ورد في الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالا أن يؤذن قبل الفجر ليعتصر معتصرهم فإنه أراد الذي يريد أن يضرب الغائط ، وهو الذي يحتاج إلى الغائط ليتأهب للصلاة قبل دخول وقتها ، وهو من العصر أو العصر ، وهو الملجأ أو المستخفى ، وقد قيل في قوله تعالى : فيه يغاث الناس وفيه يعصرون : إنه من هذا ، أي ينجون من البلاء ويعتصمون بالخصب ، وهو من العصرة وهي المنجاة . والاعتصار : الالتجاء ، وقال : عدي بن زيد
لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري
أدركت معتصري وأدركني حلمي ويسر قائدي نعلي
تجرد منها كل صهباء حرة لعوهج أو للداعري عصيرها
والمعصور : اللسان اليابس عطشا ، قال الطرماح :
يبل بمعصور جناحي ضئيلة أفاويق منها هلة ونقوع
أيام أعرق بي عام المعاصير
فسره فقال : بلغ الوسخ إلى معاصمي ، وهذا من الجدب ، قال : ولا أدري ما هذا التفسير . والعصار : الفساء ، قال ابن سيده : الفرزدقإذا تعشى عتيق التمر قام له تحت الخميل عصار ذو أضاميم
أبني إن أباك غير لونه كر الليالي واختلاف الأعصر
لو عصر منه البان والمسك انعصر
يريد : عصر ، فخفف . والعنصر والعنصر : الأصل والحسب . وعصر : موضع . وفي حديث خيبر : سلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسيره إليها على عصر هو بفتحتين ، جبل بين المدينة ووادي الفرع ، وعنده مسجد صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم .