ذكر العباس بن الفضل صقلية وما فتح فيها ولاية
قد ذكرنا سنة ثمان وعشرين ومائتين أن محمد بن عبد الله ، أمير صقلية ، ( توفي سنة ست وثلاثين ومائتين ) ، فلما مات اجتمع المسلمون بها على ولاية العباس بن الفضل بن يعقوب ، فولوه أمرهم ، فكتبوا بذلك إلى محمد بن الأغلب أمير إفريقية فأرسل إليه عهدا ( بولايته ، فكان العباس إلى أن وصل عهده يغير ، ويرسل السرايا ، وتأتيه الغنائم .
فلما قدم إليه عهده بولايته خرج بنفسه وعلى مقدمته عمه رباح ، فأرسل في سرية إلى قلعة ، فغنم ، وأسر ، وعاد ، فقتل الأسرى ، وتوجه إلى مدينة أبي ثور قصريانه ، فنهب ، وأحرق ، وخرب; ليخرج إليه البطريق ، فلم يفعل ، فعاد العباس .
وفي ثمان وثلاثين ومائتين خرج حتى بلغ قصريانه ومعه جمع عظيم ، فغنم ، وخرب وأتى قطانة ، وسرقوسة ، ونوطس ، ورغوس ، فغنم من جميع هذه البلاد ، وخرب وأحرق ، ونزل على بثيرة ، وحصرها خمسة أشهر ، فصالحه أهلها على خمسة آلاف رأس .
وفي سنة اثنتين وأربعين سار العباس في جيش كثيف ، ففتح حصونا خمسة .
وفي سنة ثلاث وأربعين سار إلى قصريانه ، فخرج أهلها ، فلقوه ، فهزمهم ، وقتل [ ص: 136 ] فيهم ، فأكثر ، وقصد سرقوسة وطبرمين وغيرهما ، فنهب ، وخرب ، وأحرق ، ونزل على القصر الجديد وحصره ، وضيق على من به من الروم ، فبذلوا له خمسة عشر ألف دينار ، فلم يقبل منهم ، وأطال الحصر ، فسلموا إليه الحصن على شرط أن يطلق مائتي نفس ، فأجابهم إلى ذلك ، وملكه ، وباع كل من فيه سوى مائتي نفس ، وهدم الحصن .