[ ص: 289 ] ذكر أخبار صاحب الزنج
في هذه السنة سير جعلان لحرب صاحب الزنج بالبصرة ، فلما وصل إلى البصرة نزل بمكان بينه وبين صاحب الزنج فرسخ ، وخندق عليه وعلى أصحابه ، وأقام ستة أشهر في خندقة ، وجعل يوجه الزينبي وبني هاشم ومن خف لحربهم هذا اليوم الذي تواعدهم جعلان للقائه ، فلم يكن بينهم إلا الرمي بالحجارة والنشاب ، ولا يجد جعلان إلى لقائه سبيلا ، لضيق المكان عن مجال الخيل ، وكان أكثر أصحاب جعلان خيالة .
فلما طال مقامه في خندقه أرسل صاحب الزنج أصحابه إلى مسالك الخندق ، فيبيتوا جعلان ، وقتلوا من أصحابه جماعة ، وخاف الباقون خوفا شديدا .
وكان الزينبي قد جمع البلالية ، والسعدية ووجه بهم من مكانين ، وقاتلوا الخبيث ، فظفر بهم ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، فترك جعلان خندقه وانصرف إلى البصرة ، وظهر عجزه للسلطان ، فصرفه عن حرب الزنج ، وأمر سعيدا الحاجب بمحاربتهم .
وتحول صاحب الزنج ، بعد ذلك ، من السبخة التي كان فيها ، ونزل بنهر أبي الخصيب ، وأخذ أربعة وعشرين مركبا من مراكب البحر ، وأخذوا منها أموالا كثيرة لا تحصى ، وقتل من فيها ، ونهبها أصحابه ثلاثة أيام ، وأخذ لنفسه بعد ذلك من النهب .