ذكر قتل  الخجستاني   
لما كان  الخجستاني  بطخارستان  وافاه خبر أخذ والدته من نيسابور  ، وسار مجدا ،   [ ص: 343 ] فلما قارب هراة  أتاه غلام  لأبي طلحة  ، يعرف  بينال ده هزار  ، مستأمنا ، فأتاه خبره قبل وصوله ، وكان  للخجستاني  غلام اسمه  رامجور  على خزائنه ، فقال له كالممازح له : إنه سيدك  ينال ده هزار  قد استأمن إلي ، كما علمت ، فانظر كيف يكون برك به ، فحقدها عليه  رامجور  ، وخاف أن يقدم ذلك الغلام عليه ، ويطلب الفرصة ليقتله . 
وكان  لأحمد  غلام [ يدعى ]  قتلغ  ، وهو على شرابه ، فسقاه يوما ، فرأى في الكوز شيئا ، فأمر به فقلعت إحدى عينيه ، فتواطأ  قتلغ  ورامجور  على قتله ، فشرب يوما بنيسابور  عند وصوله من طايكان  ، فسكر ونام ، فتفرق عنه أصحابه ، فقتله  رامجور  ،  وقتلغ  ، وكان قتله في شوال سنة ثمان وستين ومائتين ، وأخذ  رامجور  خاتمه فأرسله إلى الإصطبل يأمرهم بإسراج عدة دواب ، ففعلوا ، فسير عليها جماعة إلى  أبي طلحة  وهو بجرجان  يعلمه الحال ، ويأمره بالقدوم ، ثم أغلق  رامجور  الباب على  أحمد  ، واختفى . 
وبكر القواد إلى باب  أحمد  ، فوجدوا باب حجرته مغلقا ، فانتظروه ساعة طويلة ، فرابهم الأمر ، ففتحوا الباب فرأوه مقتولا ، فبحثوا عن الحال ، وأخبرهم صاحب الإصطبل خبر  رامجور  في إنفاذ الخاتم ، فطلبوه فلم يجدوه ، ثم وجدوه بعد مدة . 
وكان سبب اطلاعهم عليه أن صبيا من أهل تلك الدار التي هو بها طلب نارا ، فقيل له : ما تعملون بالنار في اليوم الحار ؟ فقيل : نتخذ طعاما للقائد ، قيل : ومن القائد ؟ قال :  رامجور  ، فأنهوا خبره إلى بعض القواد ، فأخذوه ، وقتلوه . 
واجتمع أصحاب  أحمد  بعد قتله على   رافع بن هرثمة     . 
وسنذكر أخبار  رافع  سنة ثمان وستين ومائتين . 
وكان  أحمد بن عبد الله  ، لما عاد من طايكان  بعد قتل والدته ، نصب رمحا طويلا في صحن داره وقال : يحتاج أهل نيسابور   أن يضعوا الدر حتى يغمروا هذا الرمح ، فخافوا منه ، واستخفى جمع من الرؤساء والتجار ، وفزع الناس إلى الدعاء ، وسألوا  أبا عثمان  ، وغيره من أصحاب  أبي حفص الزاهد  أن يتضرعوا إلى الله تعالى ليفرج عنهم ، وفعلوا ، فتداركهم الله برحمته ، فقتل تلك الليلة ، وفرج الله عنهم . 
 [ ص: 344 ] وكان  أحمد  كريما ، جوادا ، شجاعا ، حسن العشرة ، كثير البر لإخوانه الذين صحبوه قبل إمارته ، والإحسان إليهم ، ولم يتغير لهم عما كان يفعله من التواضع والآداب . 
				
						
						
