ذكر ملك الروم  لؤلؤة   
وفيها سلمت الصقالبة  لؤلؤة  إلى الروم    ; وكان سبب ذلك أن   أحمد بن طولون  قد أدمن الغزو بطرسوس  قبل أن يلي مصر  ، فلما ولي مصر  كان يؤثر أن يلي طرسوس  ليغزو منها أميرا ، فكتب إلى   أبي أحمد الموفق  يطلب ولايتها ، فلم يجبه إلى ذلك ، واستعمل عليها  محمد بن هارون التغلبي  ، فركب في سفينة في دجلة فألقتها الريح إلى الشاطئ ، فأخذه أصحاب  مساور الشاري  فقتلوه ، واستعمل عوضه  محمد بن علي الأرمني  ، وأضيف إليه أنطاكية  ، فوثب به أهل طرسوس  فقتلوه ، فاستعمل عليها (  أرخوز بن يولغ ) بن طرخان التركي  ، فسار بها ، وكان غرا جاهلا ، فأساء السيرة ، وأخر عن أهل لؤلؤة  أرزاقهم وميرتهم ، فضجوا من ذلك ، وكتبوا إلى أهل طرسوس   يشكون منه ويقولون : إن لم ترسلوا إلينا أرزاقنا وميرتنا وإلا سلمنا القلعة إلى الروم    . 
فأعظم ذلك أهل طرسوس   وجمعوا من بينهم خمسة عشر ألف دينار ليحملوها إليهم ، فأخذها  أرخوز  ليحملها إلى أهل لؤلؤة  ، فأخذها لنفسه . 
فلما أبطأ عليهم المال سلموا القلعة إلى الروم  ، فقامت على أهل طرسوس   القيامة ; لأنها كانت شجا في حلق العدو ، ولم يكن يخرج للروم  في بر أو بحر إلا رأوه ، وأنذروا به ; واتصل الخبر  بالمعتمد  ، فقلدها   أحمد بن طولون  ، واستعمل عليها من يقوم بغزو الروم  ويحفظ ذلك الثغر . 
				
						
						
