[ ص: 396 ] ذكر رافع بن هرثمة أخبار
لما قتل أحمد بن عبد الله الخجستاني ، على ما ذكرناه ، وكان قتله هذه السنة ، اتفق أصحابه على فولوه أمرهم . رافع بن هرثمة
وكان رافع هذا من أصحاب محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر ، فلما استولى يعقوب بن الليث على نيسابور ، وأزال الطاهرية ، صار رافع في جملته ، فلما عاد يعقوب إلى سجستان صحبه رافع ، وكان طويل اللحية ، كريه الوجه ، قليل الطلاقة ، فدخل يوما على يعقوب ، فلما خرج من عنده قال : أنا لا أميل إلى هذا الرجل ، فليلحق بما شاء من البلاد ، فقيل له ذلك ، ففارقه وعاد إلى منزله بتامين ، وهي من باذغيس ، وأقام به إلى أن استقدمه الخجستاني ، على ما ذكرناه ، وجعله صاحب جيشه .
فلما قتل الخجستاني اجتمع الجيش عليه ، وهو بهراة ، فأمروه كما ذكرنا .
وسار رافع من هراة إلى نيسابور ، وكان أبو طلحة بن شركب قد وردها من جرجان ، فحصره فيها رافع وقطع الميرة عنه وعن نيسابور ، ( فاشتد الغلاء بها ، ففارقها أبو طلحة ، ودخلها رافع فأقام بها ) ، وذلك سنة تسع وستين ومائتين ، فسار أبو طلحة إلى مرو ، وولى محمد بن مهتدي هراة ، وخطب لمحمد بن طاهر بمرو وهراة ، فقصده عمرو بن الليث ، فحاربه ، فهزمه ، واستخلف عمرو بمرو محمد بن سهل بن هاشم ، وعاد عنها ، وخرج شركب إلى بيكند ، واستعان بإسماعيل بن أحمد الساماني ، فأمده بعسكره ، فعاد إلى مرو ، فأخرج عنها محمد بن سهل ، وأغار على أهل البلد ، وخطب لعمرو بن الليث ، وذلك في شعبان سنة إحدى وسبعين [ ومائتين ] .
وقلد الموفق تلك السنة أعمال خراسان ، وكان محمد بن طاهر ببغداذ فاستخلف محمد على أعماله ، ما خلا ما وراء النهر فإنه أقر عليه رافع بن هرثمة نصر بن أحمد ، ووردت كتب الموفق إلى خراسان بذلك ، وبعزل عمرو بن الليث ولعنه ، فسار رافع إلى هراة وبها محمد بن مهتدي خليفة أبي طلحة شركب ، فقتله يوسف بن معبد ، وأقام بهراة ، فلما وافاه رافع استأمن إليه يوسف فأمنه وعفا عنه ، فاستعمل على هراة مهدي بن محسن ، فاستمد رافع ، فسار إليه بنفسه في أربعة آلاف فارس ، واستقدم إسماعيل بن أحمد رافع أيضا علي بن الحسين المروروذي ، فقدم عليه ، فساروا بأجمعهم إلى [ ص: 397 ] شركب ، وهو بمرو ، فحاربوه فهزموه ، وعاد إسماعيل ( إلى محازل ) ( ؟ ) وذلك سنة اثنتين وسبعين ومائتين ، فسار شركب إلى هراة ، فطابقه مهدي وخالف رافعا ، فقصدهما رافع فهزمهما .
وأما شركب فإنه لحق ، وأما بعمرو بن الليث مهدي فإنه اختفى في سرب ، فدل عليه رافع ، فأخذه ، وقال له : تبا لك يا قليل الوفاء ! ثم عفا عنه وخلى سبيله ، وسار رافع إلى خوارزم سنة اثنتين وسبعين [ ومائتين ] ، فجبى أموالها ، ورجع إلى نيسابور .