ذكر إسحاق بن كنداجيق إلى الشام مسير
لما توفي كان أحمد بن طولون إسحاق بن كنداجيق على الموصل والجزيرة ، فطمع هو وابن أبي الساج في الشام ، واستصغرا أولاد أحمد ، وكاتبا الموفق بالله في ذلك ، واستمداه فأمرهما بقصد البلاد ، ووعدهما إنفاذ الجيوش ، فجمعا ، وقصدا ما يجاورهما من البلاد ، فاستوليا عليه وأعانهما النائب بدمشق لأحمد بن طولون ، ووعدهما الانحياز إليهما ، فتراجع من بالشام من نواب أحمد بأنطاكية ، وحلب ، وحمص ، وعصى متولي دمشق ، واستولى إسحاق على ذلك .
وبلغ الخبر إلى أبي الجيش خمارويه بن أحمد ، فسير الجيوش إلى الشام فملكوا دمشق ، وهرب النائب الذي كان بها ، ( وسار عسكر خمارويه ) من دمشق إلى شيزر لقتال إسحاق بن كنداجيق وابن أبي الساج ، فطاولهم إسحاق ينتظر المدد من العراق ، وهجم الشتاء على الطائفتين ، وأضر بأصحاب ، فتفرقوا في المنازل ابن طولون بشيزر .
ووصل العسكر العراقي إلى كنداجيق ، وعليهم أبو العباس أحمد بن الموفق وهو [ ص: 429 ] المعتضد بالله ، فلما وصل سار مجدا إلى عسكر خمارويه بشيزر ، فلم يشعروا حتى كبسهم في المساكن ، ووضع السيف فيهم ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وسار من سلم إلى دمشق ( على أقبح صورة ، فسار المعتضد إليهم ، فجلوا عن دمشق إلى الرملة ، وملك هو دمشق ) ، ودخلها في شعبان سنة إحدى وسبعين ومائتين ، وأقام عسكر ابن طولون بالرملة ، فأرسلوا إلى خمارويه يعرفونه الحال ، فخرج من مصر في عساكره قاصدا إلى الشام .