ذكر صالح والأغر خروج
وفي هذه السنة ، في جمادى الأولى ، خرج خارجي من بجيلة ، من أهل البوازيج ، اسمه صالح بن محمود ، وعبر إلى البرية ، واجتمع إليه جماعة من بني مالك ، وسار إلى سنجار فأخذ من أهلها مالا ( فلقيه قوافل ) ، فأخذ عشرها ، وخطب بسنجار ، فذكر بأمر الله ، وحذر ، وأطال في هذا ، ثم قال : نتولى الشيخين ، ونبرأ من الخبيثين ، ولا نرى المسح على الخفين .
وسار منها إلى الشجاجية ، من أرض الموصل ، فطالب أهلها وأهل أعمال الفرج بالعشر ، وأقام أياما ، وانحدر إلى الحديثة ، تحت الموصل ، فطالب المسلمين بزكاة أموالهم ، والنصارى بجزية رءوسهم ، فجرى بينهم حرب ، فقتل من أصحابه جماعة ، ومنعوه من دخولها ، فأحرق لهم ست عروب ، وعبر إلى الجانب الغربي ، وأسر أهل الحديثة ابنا لصالح اسمه محمد ، فأخذه نصر بن حمدان بن حمدون ، وهو الأمير بالموصل ، فأدخله إليها ، ثم سار صالح إلى السن ، فصالحه أهلها على مال أخذه منهم ، وانصرف إلى البوازيج ، وسار منها إلى تل خوسا ، قرية من أعمال الموصل عند الزاب الأعلى ، وكاتب أهل الموصل في أمر ولده ، وتهددهم إن لم يردوه إليه ، ثم رحل [ ص: 753 ] إلى السلامية ، فسار إليه نصر بن حمدان لخمس خلون من شعبان من هذه السنة ، ففارقها صالح إلى البوازيج ، فطلبه نصر ، فأدركه بها ، فحاربه حربا شديدا قتل فيه من رجال صالح نحو مائة رجل ، وقتل من أصحاب نصر جماعة ، وأسر صالح ومعه ابنان له ، وأدخلوا إلى الموصل ، وحملوا إلى بغداذ فأدخلوا مشهورين .
وفيها ، في شعبان خرج بأرض الموصل خارجي اسمه الأغر بن مطرة الثعلبي ، وكان يذكر أنه من ولد عتاب بن كلثوم الثعلبي أخي عمرو بن كلثوم الشاعر ، وكان خروجه بنواحي رأس العين ، وقصد كفرتوثا وقد اجتمع معه نحو ألفي رجل ، فدخلها ونهبها وقتل فيها .
وسار إلى نصيبين ، فنزل بالقرب منها ، فخرج إليه واليها ومعه جمع من الجند ومن العامة ، فقاتلوه ، فقتل الشاري منهم مائة رجل ، وأسر ألف رجل ، فباعهم نفوسهم ، وصالحه أهل نصيبين على أربعمائة ألف درهم .
( وبلغ خبره ، وهو أمير ناصر الدولة بن حمدان ديار ربيعة ، فسير إليه جيشا ) ، فقاتلوه ، فظفروا به وأسروه ، وسيره ناصر الدولة إلى بغداذ .