ذكر هارون وعسكر مرداويج الحرب بين
قد ذكرنا فيما تقدم قتل أسفار وملك مرداويج ، وأنه استولى على بلد الجبل والري وغيرهما ، وأقبلت الديلم إليه من كل ناحية لبذله وإحسانه إلى جنده ، فعظمت جيوشه ، وكثرت عساكره ، وكثر الخراج عليه ، فلم يكفه ما في يده ، ففرق نوابه في النواحي المجاورة له .
فكان ممن سيره إلى همذان ابن أخت له في جيش كثير ، وكان بها في عسكر الخليفة ، فتحاربوا حروبا كثيرة ، وأعان أهل أبو عبد الله محمد بن خلف همذان عسكر الخليفة ، فظفروا بالديلم ، وقتل ابن أخت ، فسار مرداويج من مرداويج الري إلى همذان ، فلما سمع أصحاب الخليفة بمسيره انهزموا من همذان ، فجاء إلى همذان ، ونزل على باب الأسد ، فتحصن منه أهلها ، فقاتلهم ، فظفر بهم وقتل منهم خلقا كثيرا ، وأحرق وسبى ، ثم رفع السيف عنهم وأمن بقيتهم .
فأنفذ المقتدر هارون بن غريب الخال في عساكر كثيرة إلى محاربته ، فالتقوا بنواحي همذان ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم هارون وعسكر الخليفة ، واستولى على بلاد مرداويج الجبل جميعها ، وما وراء همذان ، وسير قائدا كبيرا من أصحابه يعرف بابن علان القزويني إلى الدينور ، ففتحها بالسيف ، وقتل كثيرا من أهلها ، وبلغت عساكره إلى نواحي حلوان ، فغنمت ، ونهبت ، وقتلت ، وسبت الأولاد والنساء ، وعادوا إليه .