ذكر الغورية غزنة وعودهم عنها ملك
في هذه السنة قصد سوري بن الحسين ملك الغور مدينة غزنة فملكها .
وسبب ذلك أن أخاه ملك الغورية [ قبله محمد بن الحسين كان قد صاهر بهرام شاه مسعود بن ] إبراهيم ، صاحب غزنة ، وهو من بيت سبكتكين ، فعظم شأنه بالمصاهرة ، وعلت همته ، فجمع جموعا كثيرة وسار إلى غزنة ليملكها . وقيل : إنما مظهرا الخدمة والزيارة ، وهو يريد المكر والغدر ، فعلم به بهرام شاه ، فأخذه وسجنه ، ثم قتله ، فعظم قتله على الغورية ، ولم يمكنهم الأخذ بثأره .
ولما قتل ملك بعده أخوه سام بن الحسين ، فمات بالجدري ; وملك بعده أخوه الملك سوري بن الحسين بلاد الغور ، وقوي أمره ، وتمكن في ملكه ، فجمع عسكره من الفارس والراجل وسار إلى غزنة طالبا بثأر أخيه المقتول ، وقاصدا ملك غزنة ، فلما وصل إليها ملكها في جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة .
وفارقها بهرام شاه إلى بلاد الهند ، وجمع جموعا كثيرة ، وعاد إلى غزنة وعلى [ ص: 164 ] مقدمته السلار الحسن بن إبراهيم العلوي أمير هندوستان . وكان عسكر غزنة ، الذين أقاموا مع سوري الغوري وخدموه ، قلوبهم مع بهرام شاه ، وإنما هم بظواهرهم مع سوري ، فلما التقى سوري وبهرام شاه رجع عسكر غزنة إلى بهرام شاه ، وصاروا معه ، وسلموا إليه سوري ملك الغورية . وملك بهرام شاه غزنة في المحرم سنة أربع وأربعين [ وخمسمائة ] ، وصلب الملك سوري ( مع ) السيد الماهياني في المحرم أيضا من السنة .
وكان سوري أحد الأجواد ، له الكرم الغزير ، والمروءة العظيمة ، حتى إنه كان يرمي الدراهم في المقاليع إلى الفقراء لتقع بيد من يتفق له .
ثم عاود الغورية وملكوها ، وخربوها ، وقد ذكرنا سنة سبع وأربعين [ وخمسمائة ] وذكرنا هناك ابتداء دولة الغورية ; لأنهم في ذلك الوقت عظم محلهم ، وفارقوا الجبال ، وقصدوا خراسان ، وعلا شأنهم ، وفي بعض الخلف كما ذكرناه ، والله أعلم .