ذكر الفرنج مدينة بونة وموت رجار وملك ابنه غليالم ملك
في هذه السنة سار أسطول رجار ملك الفرنج بصقلية إلى مدينة بونة ، وكان المقدم عليهم فتاه فيلب المهدوي فحصرها واستعان بالعرب عليها ، فأخذوها في رجب ، وسبى أهلها ، وملك ما فيها ، غير أنه أغضى عن جماعة من العلماء والصالحين ، حتى خرجوا بأهليهم وأموالهم إلى القرى ، فأقام بها عشرة أيام ، وعاد إلى المهدية وبعض الأسرى معه ، وعاد إلى صقلية فقبض رجار عليه لما اعتمده من الرفق بالمسلمين في بونة .
وكان فيلب ، يقال إنه وجميع فتيانه مسلمون ، يكتمونه ذلك ، وشهدوا عليه أنه لا يصوم مع الملك ، وأنه مسلم ، فجمع رجار الأساقفة والقسوس والفرسان ، فحكموا بأن يحرق ، فأحرق في رمضان ، وهذا أول وهن دخل على المسلمين بصقلية . ولم يمهل الله رجار بعده إلا يسيرا حتى [ مات ] في العشر الأول من ذي الحجة من السنة ، وكان مرضه الخوانيق ، وكان عمره قريب ثمانين سنة ، وكان ملكه نحو ستين سنة ; ولما مات ملك بعده ابنه غليالم ، وكان فاسد التدبير سيئ التصوير ، فاستوزر مايو البرصاني ، فأساء التدبير ، فاختلف عليه حصون من جزيرة صقلية ، وبلاد قلورية ، وتعدى الأمر إلى إفريقية على ما نذكره .