ذكر الملك محمد بن محمود بن محمد بن ملكشاه
في هذه السنة ، في ذي الحجة ، توفي وفاة السلطان محمد بن محمود بن محمد ، [ ص: 266 ] وهو الذي حاصر بغداد طالبا السلطنة وعاد عنها ، فأصابه سل ، وطال به ، فمات بباب همذان ، وكان مولده في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة .
فلما حضره الموت أمر العساكر فركبت ، وأحضر أمواله وجواهره وحظاياه ومماليكه ، فنظر إلى الجميع من طيارة تشرف على ما تحتها ، فلما رآه بكى وقال : هذه العساكر والأموال والمماليك والسراري ما أرى يدفعون عني مقدار ذرة ، ولا يزيدون في أجلي لحظة ، وأمر بالجميع فرفع بعد أن فرق منه شيئا كثيرا .
وكان حليما كريما عاقلا كثير التأني في أموره ، وكان له ولد صغير ، فسلمه إلى آقنسقر الأحمديلي ، وقال له : أنا أعلم أن العساكر لا تطيع مثل هذا الطفل ، وهو وديعة عندك ، فارحل به إلى بلادك . فرحل إلىمراغة ، فلما مات اختلفت الأمراء ، فطائفة طلبوا ملكشاه أخاه ، وطائفة طلبوا سليمان شاه ، وهم الأكثر ، وطائفة طلبوا أرسلان الذي مع إيلدكز ، فأما ملكشاه فإنه سار من خوزستان ، ومعه دكلا صاحب فارس ، وشملة التركماني وغيرهما ، فوصل إلى أصفهان ، فسلمها إليه ابن الخجندي ، وجمع له مالا أنفقه عليه ، وأرسل إلى العساكر بهمذان يدعوهم إلى طاعته ، فلم يجيبوه لعدم الاتفاق بينهم ، ولأن أكثرهم كان يريد سليمان شاه .