ذكر القارغلية من وراء النهر إجلاء
كان خان خانان الصيني ملك الخطا قد فوض ولاية سمرقند وبخارى إلى الخان جغري خان بن حسن تكين ، واستعمله عليهما ، وهو من بيت الملك ، قديم الأبوة ، فبقي فيها مدبرا لأمورها ، فلما كان الآن أرسل إليه ملك الخطا بإجلاء الأتراك القارغلية من أعمال بخارى وسمرقند إلى كاشغر ، وأن يتركوا حمل السلاح ، ويشتغلوا بالزراعة وغيرها من الأعمال ، فتقدم جغري خان إليهم بذلك ، فامتنعوا ، فألزمهم وألح [ ص: 316 ] عليهم بالانتقال ، فاجتمعوا وصارت كلمتهم واحدة ، فكثروا ، وساروا إلى بخارى ، فأرسل الفقيه محمد بن عمر بن برهان الدين عبد العزيز بن مازة ، رئيس بخارى ، إلى جغري خان يعلمه ذلك ويحثه على الوصول إليهم بعساكره قبل أن يعظم شرهم ، وينهبوا البلاد .
وأرسل إليهم يقول لهم : إن الكفار بالأمس لما طرقوا هذه البلاد امتنعوا عن النهب والقتل ، وأنتم مسلمون ، غزاة ، يقبح منكم مد الأيدي إلى الأموال والدماء ، وأنا أبذل لكم من الأموال ما ترضون به لتكفوا عن النهب والغارة ، فترددت الرسل بينهم في تقرير القاعدة ، ابن مازة يطاول بهم ويمادي الأيام إلى أن وصل وابن مازة جغري خان ، فلم يشعر الأتراك القارغلية إلا وقد دهمهم جغري خان في جيوشه بغتة ووضع السيف فيهم . فانهزموا ، وتفرقوا ، وكثر القتل فيهم والنهب . واختفى طائفة في الغياض والآجام ، ثم ظفر بهم أصحاب جغري خان فقطعوا دابرهم ، ودفعوا عن بخارى ونواحيها ضررهم ، وخلت تلك الأرض منهم .