ذكر شمس الدولة إلى بلد النوبة مسير
في هذه السنة ، في جمادى الأولى ، سار شمس الدولة توران شاه بن أيوب أخو صلاح الدين الأكبر من مصر إلى بلد النوبة ، فوصل إلى أول بلادهم ; ليتغلب عليه ويتملكه .
وكان سبب ذلك أن صلاح الدين وأهله كانوا يعلمون أن نور الدين كان على عزم الدخول إلى مصر وأخذها منهم ، فاستقر الرأي بينهم أنهم يتملكون إما بلاد النوبة أو بلاد اليمن ، حتى إذا وصل إليهم نور الدين لقوه وصدوه عن البلاد ، فإن قووا على منعه أقاموا بمصر ، وإن عجزوا عن منعه ركبوا البحر ولحقوا بالبلاد التي قد افتتحوها ، فجهز شمس الدولة وسار إلى أسوان ، ومنها إلى بلد النوبة ، فنازل قلعة اسمها [ ص: 380 ] أبريم ، فحصرها ، وقاتله أهلها ، فلم يكن لهم بقتال العسكر الإسلامي قوة ; لأنهم ليس لهم جنة تقيهم السهام وغيرها من آلة الحرب ، فسلموها ، فملكها ، وأقام بها ، ولم ير للبلاد دخلا يرغب فيه وتحتمل المشقة لأجله ، وقوتهم الذرة ، فلما رأى عدم الحاصل ، وقشف العيش مع مباشرة الحروب ومعاناة التعب والمشقة ، تركها وعاد إلى مصر بما غنم ، وكان عامة غنيمتهم العبيد والجواري .