ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29336غزوة هوازن بحنين
وكانت في شوال ، وسببها أنه لما سمعت
هوازن بما فتح الله على رسوله من
مكة جمعها
مالك بن عوف النصري من
بني نصر بن معاوية بن بكر ، وكانوا مشفقين من أن يغزوهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح
مكة ، وقالوا : لا مانع له من غزونا ، والرأي أن نغزوه
[ ص: 133 ] قبل أن يغزونا . واجتمع إليه
ثقيف يقودها
قارب بن الأسود بن مسعود سيد الأحلاف ،
وذو الخمار سبيع بن الحارث ، وأخوه
الأحمر بن الحارث سيد
بني مالك ، ولم يحضرها من قيس عيلان إلا نصر وجشم
وسعد بن بكر ، وناس من
بني هلال ، ولم يحضرها كعب ولا كلاب ، وفي جشم
دريد بن الصمة ، شيخ كبير ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ، وكان شيخا مجربا
فلما أجمع
مالك بن عوف المسير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حط مع الناس أموالهم ونساءهم ، فلما نزلوا
أوطاس جمع الناس ، وفيهم
دريد بن الصمة ، فقال
دريد : بأي واد أنتم ؟ فقالوا :
بأوطاس . قال : نعم مجال الخيل ، لا حزن شرس ، ولا سهل دهس ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، ويعار الشاء ، وبكاء الصغير ؟ قالوا : ساق
مالك مع الناس ذلك . فقال : يا
مالك ، إن هذا يوم له ما بعده ، ما حملك على ما صنعت ؟ قال : سقتهم مع الناس ليقاتل كل إنسان عن حريمه وماله . قال
دريد : راعي ضأن والله ، هل يرد المنهزم شيء ؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك . وقال : ما فعلت كعب وكلاب ؟ قالوا : لم يشهدها أحد منهم . قال : غاب الجد والحد ، لو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب ولا كلاب ، ووددت أنكم فعلتم ما فعلا . ثم قال : يا
مالك ، ارفع من معك إلى عليا بلادهم ، ثم ألق الصباء على الخيل ، فإن كانت لك لحق بك من وراءك ، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك . قال
مالك : والله لا أفعل ذلك ، إنك قد كبرت وكبر علمك ، والله لتطيعنني يا معشر
هوازن ، أو لأتكين على هذا السيف حتى يخرج من ظهري . وكره أن يكون لدريد فيها ذكر . فقال
دريد : هذا يوم لم أشهده ، ولم يفتني .
ثم قال
مالك : أيها الناس ، إذا رأيتم القوم فاكسروا جفون سيوفكم ، وشدوا عليهم شدة رجل واحد .
وبعث
مالك عيونه ليأتوه بالخبر ، فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم ، فقال : ما
[ ص: 134 ] شأنكم ؟ قالوا : رأينا رجالا بيضا على خيل بلق ، فوالله ما تماسكنا أن حل بنا ما ترى ! فلم ينهه ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد .
ولما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر
هوازن أجمع المسير إليهم ، وبلغه أن عند
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية أدراعا وسلاحا ، فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يومئذ مشرك : أعرنا سلاحك نلق فيه عدونا . فقال له
صفوان : أغصبا يا
محمد ؟ فقال : بل عارية مضمونة نؤديها إليك . قال : ليس بهذا بأس ، فأعطاه مائة درع بما يصلحها من السلاح . ثم سار النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه ألفان من مسلمة الفتح مع عشرة آلاف من أصحابه ، فكانوا اثني عشر ألفا ، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثرة من معه قال : لن نغلب اليوم من قلة ، وذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=25ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا ، وقيل : إنما قالها رجل من بكر .
واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من
بمكة عتاب بن أسيد .
قال
جابر : فلما استقبلنا
وادي حنين انحدرنا في واد أجوف حطوط ، إنما ننحدر فيه انحدارا في عماية الصبح ، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي ، فكمنوا لنا في شعابه ومضايقه ، قد تهيئوا وأعدوا ، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد ، فانهزم الناس أجمعون لا يلوي أحد على أحد ، وانحاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات اليمين ، ثم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025925أيها الناس ، هلموا إلي أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله ، قاله ثلاثا ، ثم احتملت الإبل بعضها بعضا ، إلا أنه قد بقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نفر من
المهاجرين والأنصار وأهل بيته ، منهم :
أبو بكر ،
وعمر ،
وعلي ،
والعباس ، وابنه
الفضل ،
nindex.php?page=showalam&ids=9809وأبو سفيان بن الحارث ،
nindex.php?page=showalam&ids=15886وربيعة بن الحارث ،
وأيمن ابن أم أيمن ،
nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد .
قال : وكان رجل من
هوازن على جمل أحمر بيده راية سوداء أمام الناس ، فإذا أدرك رجلا طعنه ثم رفع رايته لمن وراءه فاتبعوه ، فحمل عليه علي فقتله .
ولما انهزم الناس تكلم رجال من
أهل مكة بما في أنفسهم من الضغن ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، والأزلام معه . وقال
كلدة بن الحنبل ، وهو أخو
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية لأمه ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية يومئذ مشركا : الآن بطل السحر .
[ ص: 135 ] فقال له
صفوان : اسكت فض الله فاك ، فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من
هوازن !
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=4137شيبة بن عثمان : اليوم أدرك ثأري من
محمد ، وكان أبوه قتل
بأحد ، قال : فأدرت به لأقتله ، فأقبل شيء حتى تغش فؤادي ، فلم أطق ذلك .
وكان
العباس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - آخذا بحكمة بغلته دلدل وهو عليها ، وكان
العباس جسيما شديد الصوت ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم : يا
عباس ، اصرخ : يا معشر الأنصار ، يا أصحاب السمرة ! ففعل ، فأجابوه : لبيك لبيك ! فكان الرجل يريد أن يثني بعيره فلا يقدر ، فيأخذ سلاحه ثم ينزل عنه ويؤم الصوت ، فاجتمع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة رجل فاستقبل بهم القوم وقاتلهم ، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - شدة القتال قال :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
الآن حمي الوطيس ، وهو أول من قالها . واقتتل الناس قتالا شديدا ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبغلته دلدل : البدي دلدل ، فوضعت بطنها على الأرض ، فأخذ حفنة من تراب ، فرمى به في وجوههم ، فكانت الهزيمة ، فما رجع الناس إلا والأسارى في الحبال عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقيل : بل أقبل شيء أسود من السماء مثل البجاد حتى سقط بين القوم ، فإذا نمل أسود مبثوث ، فكانت الهزيمة .
ولما انهزمت
هوازن قتل من
ثقيف وبني مالك سبعون رجلا ، فأما الأخلاف من
ثقيف فلم يقتل منهم غير رجلين ؛ لأنهم انهزموا سريعا . وقصد بعض المشركين
الطائف ومعهم
مالك بن عوف ، واتبعت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشركين فقتلهم ، فأدرك
ربيعة بن يربوع السلمي دريد بن الصمة ولم يعرفه ؛ لأنه كان في شجار لكبره ، وأناخ بعيره
[ ص: 136 ] فإذا هو شيخ كبير ، فقال له
دريد : ماذا تريد ؟ قال : أقتلك . قال : ومن أنت ؟ فانتسب له ، ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا . فقال
دريد : بئس ما سلحتك أمك ، خذ سيفي فاضرب به ، ثم ارفع عن العظام واخفض عن الدماغ ، فإني كذلك كنت أقتل الرجال ، وإذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت
دريد بن الصمة ، فرب يوم قد منعت فيه نساءك . فقتله . فلما أخبر أمه قالت : والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا . واستلب
nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة الأنصاري يوم
حنين عشرين رجلا وحده ، وقتلهم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025926من قتل قتيلا فله سلبه .
وقتل
nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة الأنصاري قتيلا ، وأجهضه القتال عن أخذ سلبه ، فأخذه غيره ، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك قام
nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة فقال : قتلت قتيلا وأخذ غيري سلبه . فقال الذي أخذ السلب : هو عندي فارضه مني يا رسول الله . فقال
أبو بكر : لا والله ، لا تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله تقاسمه ، فرد عليه السلب .
وكان لبعض
ثقيف غلام نصراني ، فقتل ، فبينما رجل من الأنصار يستلب قتلى
ثقيف إذ كشف العبد فرآه أغرل ، فصرخ بأعلى صوته : يا معشر العرب ، إن ثقيفا لا تختتن . فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة : لا تقل هذا ، إنما هو غلام نصراني ، وأراه قتلى
ثقيف مختتنين .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025927ومر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطريق بامرأة مقتولة ، فقال : من قتلها ؟ قالوا : nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد . فقال لبعض من معه : أدرك خالدا فقل له : إن رسول الله ينهاك أن تقتل امرأة أو وليدا أو عسيفا . والعسيف الأجير .
وكان بعض المشركين
بأوطاس فأرسل إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أبا عامر الأشعري ، عم
أبي موسى ، فرمي
أبو عامر بسهم ، قيل رماه
سلمة بن دريد بن الصمة ، وقتل
أبو موسى سلمة هذا بعمه
أبي عامر ، وانهزم المشركون
بأوطاس ، وظفر المسلمون بالغنائم
[ ص: 137 ] والسبايا ، فساقوا في السبي
الشيماء ابنة
الحارث بن عبد العزى ، فقالت لهم : إني والله أخت صاحبكم من الرضاعة ، فلم يصدقوها حتى أتوا بها النبي - صلى الله عليه وسلم - . فقالت له : إني أختك . قال :
وما علامة ذلك ؟ قالت : عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك . فعرفها وبسط لها رداءه وأجلسها عليه ، وخيرها فقال : إن أحببت فعندي مكرمة محببة ، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك . قالت : بل تمتعني وتردني إلى قومي ، ففعل .
وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسبايا والأموال ، فجمعت إلى
الجعرانة ، وجعل عليها
بديل بن ورقاء الخزاعي .
واستشهد من المسلمين
بحنين أيمن ابن أم أيمن ،
ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن عبد العزى ، وغيرهما .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=29336غَزْوَةِ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ
وَكَانَتْ فِي شَوَّالٍ ، وَسَبَبُهَا أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَتْ
هَوَازِنُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ
مَكَّةَ جَمَعَهَا
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ النَّصْرِيُّ مِنْ
بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ ، وَكَانُوا مُشْفِقِينَ مِنْ أَنْ يَغْزُوَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَتْحِ
مَكَّةَ ، وَقَالُوا : لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ غَزْوِنَا ، وَالرَّأْيُ أَنْ نَغْزُوَهُ
[ ص: 133 ] قَبْلَ أَنْ يَغْزُوَنَا . وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ
ثَقِيفٌ يَقُودُهَا
قَارِبُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ سَيِّدُ الْأَحْلَافِ ،
وَذُو الْخِمَارِ سُبَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَأَخُوهُ
الْأَحْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ سَيِّدُ
بَنِي مَالِكٍ ، وَلَمْ يَحْضُرْهَا مِنْ قَيْسِ عَيْلَانَ إِلَّا نَصْرٌ وَجُشَمُ
وَسَعْدُ بْنُ بَكْرٍ ، وَنَاسٌ مِنْ
بَنِي هِلَالٍ ، وَلَمْ يَحْضُرْهَا كَعْبٌ وَلَا كِلَابٌ ، وَفِي جُشَمَ
دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ ، شَيْخٌ كَبِيرٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ إِلَّا التَّيَمُّنُ بِرَأْيِهِ ، وَكَانَ شَيْخًا مُجَرِّبًا
فَلَمَّا أَجْمَعَ
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ الْمَسِيرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَطَّ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ ، فَلَمَّا نَزَلُوا
أَوْطَاسَ جَمَعَ النَّاسَ ، وَفِيهِمْ
دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ ، فَقَالَ
دُرَيْدٌ : بِأَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ ؟ فَقَالُوا :
بِأَوْطَاسَ . قَالَ : نِعْمَ مَجَالُ الْخَيْلِ ، لَا حَزْنٌ شَرِسٌ ، وَلَا سَهْلٌ دَهِسٌ ، مَا لِي أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِيرِ ، وَنُهَاقَ الْحَمِيرِ ، وَيُعَارَ الشَّاءِ ، وَبُكَاءَ الصَّغِيرِ ؟ قَالُوا : سَاقَ
مَالِكٌ مَعَ النَّاسِ ذَلِكَ . فَقَالَ : يَا
مَالِكُ ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ : سُقْتُهُمْ مَعَ النَّاسِ لِيُقَاتِلَ كُلُّ إِنْسَانٍ عَنْ حَرِيمِهِ وَمَالِهِ . قَالَ
دُرَيْدٌ : رَاعِي ضَأْنٍ وَاللَّهِ ، هَلْ يَرُدُّ الْمُنْهَزِمَ شَيْءٌ ؟ إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ لَكَ لَمْ يَنْفَعْكَ إِلَّا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ فُضِحْتَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ . وَقَالَ : مَا فَعَلَتْ كَعْبٌ وَكِلَابٌ ؟ قَالُوا : لَمْ يَشْهَدْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ . قَالَ : غَابَ الْجِدُّ وَالْحَدُّ ، لَوْ كَانَ يَوْمُ عَلَاءٍ وَرِفْعَةٍ لَمْ تَغِبْ عَنْهُ كَعْبٌ وَلَا كِلَابٌ ، وَوَدِدْتُ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ مَا فَعَلَا . ثُمَّ قَالَ : يَا
مَالِكُ ، ارْفَعْ مَنْ مَعَكَ إِلَى عُلْيَا بِلَادِهِمْ ، ثُمَّ أَلْقِ الصُّبَّاءَ عَلَى الْخَيْلِ ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ لَحِقَ بِكَ مَنْ وَرَاءَكَ ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ أَهْلَكَ وَمَالَكَ . قَالَ
مَالِكٌ : وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ ، إِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَكَبِرَ عِلْمُكَ ، وَاللَّهِ لَتُطِيعُنَّنِي يَا مَعْشَرَ
هَوَازِنَ ، أَوْ لَأَتَّكِيَّنَ عَلَى هَذَا السَّيْفِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي . وَكَرِهَ أَنْ يَكُونَ لِدُرَيْدٍ فِيهَا ذِكْرٌ . فَقَالَ
دُرَيْدٌ : هَذَا يَوْمٌ لَمْ أَشْهَدْهُ ، وَلَمْ يَفُتْنِي .
ثُمَّ قَالَ
مَالِكٌ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِذَا رَأَيْتُمُ الْقَوْمَ فَاكْسِرُوا جُفُونَ سُيُوفِكُمْ ، وَشُدُّوا عَلَيْهِمْ شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ .
وَبَعَثَ
مَالِكٌ عُيُونَهُ لِيَأْتُوهُ بِالْخَبَرِ ، فَرَجَعُوا إِلَيْهِ وَقَدْ تَفَرَّقَتْ أَوْصَالُهُمْ ، فَقَالَ : مَا
[ ص: 134 ] شَأْنُكُمْ ؟ قَالُوا : رَأَيْنَا رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ ، فَوَاللَّهِ مَا تَمَاسَكْنَا أَنْ حَلَّ بِنَا مَا تَرَى ! فَلَمْ يَنْهَهُ ذَلِكَ عَنْ وَجْهِهِ أَنْ مَضَى عَلَى مَا يُرِيدُ .
وَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرُ
هَوَازِنَ أَجْمَعَ الْمَسِيرَ إِلَيْهِمْ ، وَبَلَغَهُ أَنَّ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَدْرَاعًا وَسِلَاحًا ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ : أَعِرْنَا سِلَاحَكَ نَلْقَ فِيهِ عَدُوَّنَا . فَقَالَ لَهُ
صَفْوَانُ : أَغَصْبًا يَا
مُحَمَّدُ ؟ فَقَالَ : بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ نُؤَدِّيهَا إِلَيْكَ . قَالَ : لَيْسَ بِهَذَا بَأْسٌ ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِرْعٍ بِمَا يُصْلِحُهَا مِنَ السِّلَاحِ . ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَلْفَانِ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ مَعَ عَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثْرَةَ مَنْ مَعَهُ قَالَ : لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=25وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ، وَقِيلَ : إِنَّمَا قَالَهَا رَجُلٌ مِنْ بَكْرٍ .
وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ
بِمَكَّةَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ .
قَالَ
جَابِرٌ : فَلَمَّا اسْتَقْبَلْنَا
وَادِي حُنَيْنٍ انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ أَجْوَفَ حَطُوطٍ ، إِنَّمَا نَنْحَدِرُ فِيهِ انْحِدَارًا فِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ ، وَكَانَ الْقَوْمُ قَدْ سَبَقُونَا إِلَى الْوَادِي ، فَكَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ وَمَضَايِقِهِ ، قَدْ تَهَيَّئُوا وَأَعَدُّوا ، فَوَاللَّهِ مَا رَاعَنَا وَنَحْنُ مُنْحَطُّونَ إِلَّا الْكَتَائِبُ قَدْ شَدَّتْ عَلَيْنَا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ الْيَمِينِ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025925أَيُّهَا النَّاسُ ، هَلُمُّوا إِلَيَّ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَهُ ثَلَاثًا ، ثُمَّ احْتَمَلَتِ الْإِبِلُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَرٌ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، مِنْهُمْ :
أَبُو بَكْرٍ ،
وَعُمَرُ ،
وَعَلِيٌّ ،
وَالْعَبَّاسُ ، وَابْنُهُ
الْفَضْلُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=9809وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15886وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ ،
وَأَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=111وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ .
قَالَ : وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ
هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ أَمَامَ النَّاسِ ، فَإِذَا أَدْرَكَ رَجُلًا طَعَنَهُ ثُمَّ رَفَعَ رَايَتَهُ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَاتَّبَعُوهُ ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ .
وَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ تَكَلَّمَ رِجَالٌ مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الضِّغْنِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ : لَا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبَحْرِ ، وَالْأَزْلَامُ مَعَهُ . وَقَالَ
كَلَدَةُ بْنُ الْحَنْبَلِ ، وَهُوَ أَخُو
nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ لِأُمِّهِ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكًا : الْآنَ بَطَلَ السِّحْرُ .
[ ص: 135 ] فَقَالَ لَهُ
صَفْوَانُ : اسْكُتْ فَضَّ اللَّهُ فَاكَ ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ
هَوَازِنَ !
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=4137شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ : الْيَوْمَ أُدْرِكُ ثَأْرِي مِنْ
مُحَمَّدٍ ، وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ
بِأُحُدٍ ، قَالَ : فَأَدَرْتُ بِهِ لِأَقْتُلَهُ ، فَأَقْبَلَ شَيْءٌ حَتَّى تَغَشَّ فُؤَادِي ، فَلَمْ أُطِقْ ذَلِكَ .
وَكَانَ
الْعَبَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِذًا بِحَكَمَةِ بَغْلَتِهِ دُلْدُلَ وَهُوَ عَلَيْهَا ، وَكَانَ
الْعَبَّاسُ جَسِيمًا شَدِيدَ الصَّوْتِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا
عَبَّاسُ ، اصْرُخْ : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ ! فَفَعَلَ ، فَأَجَابُوهُ : لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ! فَكَانَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُثْنِيَ بَعِيرَهُ فَلَا يَقْدِرُ ، فَيَأْخُذُ سِلَاحَهُ ثُمَّ يَنْزِلُ عَنْهُ وَيَؤُمُّ الصَّوْتَ ، فَاجْتَمَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةُ رَجُلٍ فَاسْتَقْبَلَ بِهِمُ الْقَوْمَ وَقَاتَلَهُمْ ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شِدَّةَ الْقِتَالِ قَالَ :
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ قَالَهَا . وَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَغْلَتِهِ دُلْدُلٍ : الْبُدِي دُلْدُلُ ، فَوَضَعَتْ بَطْنَهَا عَلَى الْأَرْضِ ، فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ ، فَرَمَى بِهِ فِي وُجُوهِهِمْ ، فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ ، فَمَا رَجَعَ النَّاسُ إِلَّا وَالْأُسَارَى فِي الْحِبَالِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَقِيلَ : بَلْ أَقْبَلَ شَيْءٌ أَسْوَدُ مِنَ السَّمَاءِ مِثْلُ الْبِجَادِ حَتَّى سَقَطَ بَيْنَ الْقَوْمِ ، فَإِذَا نَمْلٌ أَسْوَدُ مَبْثُوثٌ ، فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ .
وَلَمَّا انْهَزَمَتْ
هَوَازِنُ قُتِلَ مِنْ
ثَقِيفٍ وَبَنِي مَالِكٍ سَبْعُونَ رَجُلًا ، فَأَمَّا الْأَخْلَافُ مِنْ
ثَقِيفٍ فَلَمْ يُقْتَلْ مِنْهُمْ غَيْرُ رَجُلَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمُ انْهَزَمُوا سَرِيعًا . وَقَصَدَ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ
الطَّائِفَ وَمَعَهُمْ
مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ ، وَاتَّبَعَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُمْ ، فَأَدْرَكَ
رَبِيعَةُ بْنُ يَرْبُوعٍ السُّلَمِيُّ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي شِجَارٍ لِكِبَرِهِ ، وَأَنَاخَ بِعِيرَهُ
[ ص: 136 ] فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ، فَقَالَ لَهُ
دُرَيْدٌ : مَاذَا تُرِيدُ ؟ قَالَ : أَقْتُلُكَ . قَالَ : وَمَنْ أَنْتَ ؟ فَانْتَسَبَ لَهُ ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا . فَقَالَ
دُرَيْدٌ : بِئْسَ مَا سَلَّحَتْكَ أُمُّكَ ، خُذْ سَيْفِي فَاضْرِبْ بِهِ ، ثُمَّ ارْفَعْ عَنِ الْعِظَامِ وَاخْفِضْ عَنِ الدِّمَاغِ ، فَإِنِّي كَذَلِكَ كُنْتُ أَقْتُلُ الرِّجَالَ ، وَإِذَا أَتَيْتَ أُمَّكَ فَأَخْبِرْهَا أَنَّكَ قَتَلْتَ
دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ ، فَرُبَّ يَوْمٍ قَدْ مَنَعْتُ فِيهِ نِسَاءَكَ . فَقَتَلَهُ . فَلَمَّا أَخْبَرَ أُمَّهُ قَالَتْ : وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْتَقَ أُمَّهَاتٍ لَكَ ثَلَاثًا . وَاسْتَلَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=86أَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ
حُنَيْنٍ عِشْرِينَ رَجُلًا وَحْدَهُ ، وَقَتَلَهُمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025926مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ .
وَقَتَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=60أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ قَتِيلًا ، وَأَجْهَضَهُ الْقِتَالُ عَنْ أَخْذِ سَلَبِهِ ، فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ قَامَ
nindex.php?page=showalam&ids=60أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ : قَتَلْتُ قَتِيلًا وَأَخَذَ غَيْرِي سَلَبَهُ . فَقَالَ الَّذِي أَخَذَ السَّلَبَ : هُوَ عِنْدِي فَارْضِهِ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : لَا وَاللَّهِ ، لَا تَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ تُقَاسِمُهُ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَبَ .
وَكَانَ لِبَعْضِ
ثَقِيفٍ غُلَامٌ نَصْرَانِيٌّ ، فَقُتِلَ ، فَبَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَسْتَلِبُ قَتْلَى
ثَقِيفٍ إِذْ كَشَفَ الْعَبْدَ فَرَآهُ أَغْرَلَ ، فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ ، إِنَّ ثَقِيفًا لَا تَخْتَتِنُ . فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : لَا تَقُلْ هَذَا ، إِنَّمَا هُوَ غُلَامٌ نَصْرَانِيٌّ ، وَأَرَاهُ قَتْلَى
ثَقِيفٍ مُخْتَتِنِينَ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025927وَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّرِيقِ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ ، فَقَالَ : مَنْ قَتَلَهَا ؟ قَالُوا : nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ . فَقَالَ لِبَعْضِ مَنْ مَعَهُ : أَدْرِكْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَنْهَاكَ أَنْ تَقْتُلَ امْرَأَةً أَوْ وَلِيدًا أَوْ عَسِيفًا . وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ .
وَكَانَ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ
بِأَوْطَاسٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّ ، عَمَّ
أَبِي مُوسَى ، فَرُمِيَ
أَبُو عَامِرٍ بِسَهْمٍ ، قِيلَ رَمَاهُ
سَلَمَةُ بْنُ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ ، وَقَتَلَ
أَبُو مُوسَى سَلَمَةَ هَذَا بِعَمِّهِ
أَبِي عَامِرٍ ، وَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ
بِأَوْطَاسٍ ، وَظَفِرَ الْمُسْلِمُونَ بِالْغَنَائِمِ
[ ص: 137 ] وَالسَّبَايَا ، فَسَاقُوا فِي السَّبْيِ
الشَّيْمَاءَ ابْنَةَ
الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، فَقَالَتْ لَهُمْ : إِنِّي وَاللَّهِ أُخْتُ صَاحِبِكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، فَلَمْ يُصَدِّقُوهَا حَتَّى أَتَوْا بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَقَالَتْ لَهُ : إِنِّي أُخْتُكَ . قَالَ :
وَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : عَضَّةٌ عَضَضْتَنِيهَا فِي ظَهْرِي وَأَنَا مُتَوَرِّكَتُكَ . فَعَرَفَهَا وَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَأَجْلَسَهَا عَلَيْهِ ، وَخَيَّرَهَا فَقَالَ : إِنْ أَحْبَبْتِ فَعِنْدِي مُكَرَّمَةٌ مُحَبَّبَةٌ ، وَإِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أُمَتِّعَكِ وَتَرْجِعِي إِلَى قَوْمِكِ . قَالَتْ : بَلْ تُمَتِّعُنِي وَتَرُدُّنِي إِلَى قَوْمِي ، فَفَعَلَ .
وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّبَايَا وَالْأَمْوَالِ ، فَجُمِعَتْ إِلَى
الْجِعْرَانَةِ ، وَجَعَلَ عَلَيْهَا
بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ .
وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
بِحُنَيْنٍ أَيْمَنُ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ ،
وَيَزِيدُ بْنُ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ، وَغَيْرُهُمَا .