ذكر أبي بلال مرداس بن حدير الحنظلي
قد تقدم ذكر سبب خروجه وتوجيه مقتل العساكر إليه في ألفي رجل فالتقائهم بآسك وهزيمة عسكر عبيد الله بن زياد ابن زياد ، فلما هزمهم أبو بلال وبلغ ذلك ابن زياد ، أرسل إليه ثلاثة آلاف عليهم عباد بن الأخضر ، والأخضر زوج أمه ، نسب إليه ، وهو [ ص: 197 ] عباد بن علقمة بن عباد التميمي ، فاتبعه حتى لحقه بتوج ، فصف له عباد وحمل عليهم أبو بلال فيمن معه ، فثبتوا واشتد القتال حتى دخل وقت العصر ، فقال أبو بلال : هذا يوم جمعة وهو يوم عظيم وهذا وقت العصر فدعونا حتى نصلي .
فأجابهم ابن الأخضر وتحاجزوا ، فعجل ابن الأخضر الصلاة ، وقيل قطعها ، والخوارج يصلون ، فشد عليهم هو وأصحابه وهم ما بين قائم وراكع وساجد لم يتغير منهم أحد من حاله ، فقتلوا من آخرهم وأخذ رأس أبي بلال .
ورجع عباد إلى البصرة فرصده بها عبيد بن هلال ومعه ثلاثة نفر ، فأقبل عباد يريد قصر الإمارة وهو مردف ابنا صغيرا له ، فقالوا له : قف حتى نستفتيك .
فوقف ، فقالوا : نحن إخوة أربعة قتل أخونا فما ترى ؟ قال : استعدوا الأمير . قالوا : قد استعديناه فلم يعدنا . قال : فاقتلوه قتله الله ! فوثبوا عليه وحكموا به فألقى ابنه فنجا وقتل هو ، فاجتمع الناس على الخوارج فقتلوا غير عبيدة .
ولما قتل ابن عباد كان ابن زياد بالكوفة ونائبه بالبصرة ، فكتب إليه يأمره أن يتبع عبيد الله بن أبي بكرة الخوارج ، ففعل ذلك وجعل يأخذهم ، فإذا شفع في أحدهم ضمنه إلى أن يقدم ابن زياد ، ومن لم يكفله أحد حبسه ، وأتي بعروة بن أدية فأطلقه وقال : أنا كفيلك .
فلما قدم ابن زياد أخذ من في الحبس من الخوارج فقتلهم وطلب الكفلاء بمن كفلوا به فمن أتى بخارجي أطلقه وقتل الخارجي ، ومن لم يأت بالخارجي قتله ، ثم طلب عبيد الله بن أبي بكرة بعروة بن أدية ، قال : لا أقدر عليه .
فقال : إذن أقتلك به ، فلم يزل يبحث عنه حتى ظفر به وأحضره عند ابن زياد ، فقال له ابن زياد : لأمثلن بك . فقال : اختر لنفسك من القصاص ما شئت به ، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه وصلبه ، وقيل : إنه قتل سنة ثمان وخمسين .