ثم إن شبيبا لقي سلامة بن سنان التيمي ، تيم شيبان ، بأرض الموصل ، فدعاه إلى الخروج معه ، فشرط عليه سلامة أن ينتخب فارسا ينطلق بهم نحو عنزة ، فيشفي نفسه منهم ، فإنهم كانوا قتلوا أخاه فضالة ، وذلك أن فضالة كان خرج في ثمانية عشر رجلا حتى نزل ماء يقال له الشجرة ، عليه أثلة عظيمة ، وعليه عنزة نازلون ، فلما رأوه قالوا : نقتل هؤلاء ، ونغدو على أميرنا فيعطينا شيئا . فقال أخواله من بني نصر : لا نساعدكم على قتل ابن أخينا . فنهضت عنزة فقتلوهم ، وأتوا برءوسهم ، فلذلك أنزلهم عبد الملك بن مروان بانقيا وفرض لهم ، ولم يكن لهم قبل ذلك فرائض إلا قليلة ، فقال سلامة أخو فضالة يذكر قتل أخيه وخذلان أخواله إياه :
وما خلت أخوال الفتى يسلمونه لوقع السلاح قبل ما فعلت نصر
وكان خروج فضالة قبل خروج صالح . فأجابه شبيب ، فخرج حتى انتهى إلى عنزة ، فجعل يقتل محلة بعد محلة حتى انتهى إلى فريق منهم فيهم خالته قد أكبت على ابن لها ، وهو غلام حين احتلم ، فأخرجت ثديها وقالت : أنشدك برحم هذا يا سلامة ! فقال : والله ما رأيت فضالة مذ أناخ بأصل الشجرة - يعني أخاه - لتقومن عنه أو لأجمعنكما بالرمح ! فقامت عنه فقتله .