فأما من ، فذاك غير المذكور في الحديث ، وهو بمنزلة سائر المباحات إذا حازها إلى ملكه ، ثم أراد بيعها كالحطب والكلأ والملح ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حازه في قربته أو إنائه ) رواه لأن يأخذ أحدكم حبله ، فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها ، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه . البخاري
وفي " الصحيحين " ( علي رضي الله عنه قال : أصبت شارفا مع [ ص: 709 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغنم يوم بدر ، وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا آخر ، فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرا لأبيعه ) . وذكر الحديث ، فهذا في الكلأ والحطب المباح بعد أخذه وإحرازه ، وكذلك السمك وسائر المباحات ، وليس هذا محل النهي بالضرورة ، ولا محل النهي أيضا بيع مياه الأنهار الكبار المشتركة بين الناس ؛ فإن هذا لا يمكن منعها ، والحجر عليها ، وإنما محل النهي صور ، أحدها : عن ، فهي مشتركة بين الناس ، وليس أحد أحق بها من أحد إلا بالتقديم لقرب أرضه كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، فهذا النوع لا يحل بيعه ولا منعه ، ومانعه عاص مستوجب لوعيد الله ومنع فضله إذ منع فضل ما لم تعمل يداه . المياه المنتقعة من الأمطار إذا اجتمعت في أرض مباحة
فإن قيل : فلو ؟ قيل : لا ريب أنه أحق به من غيره ، ومتى كان الماء النابع في ملكه ، والكلأ والمعدن فوق كفايته لشربه وشرب ماشيته ودوابه لم يجب عليه بذله ، نص عليه اتخذ في أرضه المملوكة له حفرة يجمع فيها الماء ، أو حفر بئرا ، فهل يملكه بذلك ، ويحل له بيعه أحمد ، وهذا لا يدخل تحت وعيد النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه إنما توعد من منع فضل الماء ، ولا فضل في هذا .