فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الأورام ، والخرجات التي تبرأ بالبط والبزل  
يذكر عن ( علي  أنه قال دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل يعوده بظهره  [ ص: 105 ] ورم ، فقالوا : يا رسول الله ! بهذه مدة . قال : " بطوا عنه " قال علي   : فما برحت حتى بطت ، والنبي صلى الله عليه وسلم شاهد  ) . 
ويذكر عن  أبي هريرة  ، ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر طبيبا أن يبط بطن رجل أجوى البطن ، فقيل يا رسول الله : هل ينفع الطب ؟ قال : " الذي أنزل الداء أنزل الشفاء فيما شاء  ) . 
الورم : مادة في حجم العضو لفضل مادة غير طبيعية تنصب إليه ، ويوجد في أجناس الأمراض كلها ، والمواد التي تكون عنها من الأخلاط الأربعة ، والمائية والريح ، وإذا اجتمع الورم سمي خراجا ، وكل ورم حار يؤول أمره إلى أحد ثلاثة أشياء : إما تحلل ، وإما جمع مدة ، وإما استحالة إلى الصلابة . فإن كانت القوة قوية استولت على مادة الورم وحللته ، وهي أصلح الحالات التي يؤول حال الورم إليها ، وإن كانت دون ذلك أنضجت المادة وأحالتها مدة بيضاء ، وفتحت لها مكانا أسالتها منه . وإن نقصت عن ذلك أحالت المادة مدة غير مستحكمة النضج ، وعجزت عن فتح مكان في العضو تدفعها منه ، فيخاف على العضو الفساد بطول لبثها فيه ، فيحتاج حينئذ إلى إعانة الطبيب بالبط أو غيره لإخراج تلك المادة الرديئة المفسدة للعضو . 
وفي البط فائدتان : 
إحداهما : إخراج المادة الرديئة المفسدة . 
والثانية : منع اجتماع مادة أخرى إليها تقويها . 
وأما قوله في الحديث الثاني : ( إنه أمر طبيبا أن يبط بطن رجل أجوى  [ ص: 106 ] البطن  ) فالجوى يقال على معان منها : الماء المنتن الذي يكون في البطن يحدث عنه الاستسقاء . 
وقد اختلف الأطباء في بزله لخروج هذه المادة ، فمنعته طائفة منهم لخطره ، وبعد السلامة معه ، وجوزته طائفة أخرى ، وقالت : لا علاج له سواه ، وهذا عندهم إنما هو في الاستسقاء الزقي ، فإنه كما تقدم ثلاثة أنواع : 
طبلي ، وهو الذي ينتفخ معه البطن بمادة ريحية إذا ضربت عليه سمع له صوت كصوت الطبل . 
ولحمي : وهو الذي يربو معه لحم جميع البدن بمادة بلغمية تفشو مع الدم في الأعضاء ، وهو أصعب من الأول . 
وزقي ، وهو الذي يجتمع معه في البطن الأسفل مادة رديئة يسمع لها عند الحركة خضخضة كخضخضة الماء في الزق ، وهو أردأ أنواعه عند الأكثرين من الأطباء . وقالت طائفة : أردأ أنواعه اللحمي لعموم الآفة به . 
ومن جملة علاج الزقي إخراج ذلك بالبزل ، ويكون ذلك بمنزلة فصد العروق لإخراج الدم الفاسد ، لكنه خطر كما تقدم ، وإن ثبت هذا الحديث ، فهو دليل على جواز بزله ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					