فصل في لحوم الطير  
قال الله تعالى : ( ولحم طير مما يشتهون   ) [ الواقعة : 21 ] . 
وفي " مسند  البزار   " وغيره مرفوعا : ( إنك لتنظر إلى الطير في الجنة ، فتشتهيه ، فيخر مشويا بين يديك  ) . 
ومنه حلال ، ومنه حرام . فالحرام : ذو المخلب ، كالصقر والبازي  [ ص: 349 ] والشاهين ، وما يأكل الجيف كالنسر والرخم واللقلق والعقعق والغراب الأبقع والأسود الكبير ، وما نهي عن قتله كالهدهد والصرد ، وما أمر بقتله كالحدأة والغراب . 
والحلال أصناف كثيرة ، فمنه الدجاج ، ففي " الصحيحين " : من حديث أبي موسى  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ( أكل لحم الدجاج   )  . 
وهو حار رطب في الأولى ، خفيف على المعدة ، سريع الهضم ، جيد الخلط ، يزيد في الدماغ والمني ، ويصفي الصوت ، ويحسن اللون ، ويقوي العقل ، ويولد دما جيدا ، وهو مائل إلى الرطوبة ، ويقال : إن مداومة أكله تورث النقرس ، ولا يثبت ذلك . 
ولحم الديك أسخن مزاجا ، وأقل رطوبة ، والعتيق منه دواء ينفع القولنج والربو والرياح الغليظة إذا طبخ بماء القرطم والشبث ، وخصيها محمود الغذاء ، سريع الانهضام ، والفراريج سريعة الهضم ، ملينة للطبع ، والدم المتولد منها دم لطيف جيد . 
لحم الدراج : حار يابس في الثانية ، خفيف لطيف سريع الانهضام ، مولد للدم المعتدل ، والإكثار منه يحد البصر . 
لحم الحجل : يولد الدم الجيد سريع الانهضام . 
لحم الإوز : حار يابس ، رديء الغذاء إذا اعتيد وليس بكثير الفضول . 
لحم البط : حار رطب كثير الفضول ، عسر الانهضام ، غير موافق للمعدة . 
لحم الحبارى : في " السنن " من حديث بريه بن عمر بن سفينة  ، عن أبيه  [ ص: 350 ] عن جده رضي الله عنه قال : ( أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حبارى  ) . 
وهو حار يابس ، عسر الانهضام ، نافع لأصحاب الرياضة والتعب . 
لحم الكركي : يابس خفيف ، وفي حره وبرده خلاف ، يولد دما سوداويا ، ويصلح لأصحاب الكد والتعب ، وينبغي أن يترك بعد ذبحه يوما أو يومين ثم يؤكل . 
لحم العصافير والقنابر : روى  النسائي  في " سننه " : من حديث  عبد الله بن عمرو  رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقه بغير حقه إلا سأله الله عز وجل عنها . قيل : يا رسول الله ! وما حقه ؟ قال " تذبحه فتأكله ، ولا تقطع رأسه وترمي به  ) . 
وفي " سننه " أيضا : عن عمرو بن الشريد  ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قتل عصفورا عبثا  عج إلى الله يقول : يا رب إن فلانا قتلني عبثا ، ولم يقتلني لمنفعة  ) . 
ولحمه حار يابس ، عاقل للطبيعة ، يزيد في الباه ، ومرقه يلين الطبع ، وينفع المفاصل ، وإذا أكلت أدمغتها بالزنجبيل والبصل ، هيجت شهوة الجماع ، وخلطها غير محمود . 
 [ ص: 351 ] لحم الحمام : حار رطب ، وحشيه أقل رطوبة ، وفراخه أرطب خاصية ، وما ربي في الدور وناهضه أخف لحما وأحمد غذاء ، ولحم ذكورها شفاء من الاسترخاء والخدر والسكتة والرعشة ، وكذلك شم رائحة أنفاسها ، وأكل فراخها معين على النساء ، وهو جيد للكلى ، يزيد في الدم ، وقد روي فيها حديث باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا شكا إليه الوحدة ، فقال : " اتخذ زوجا من الحمام  " . وأجود من هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم ( رأى رجلا يتبع حمامة ، فقال : شيطان يتبع شيطانة  ) . 
وكان  عثمان بن عفان  رضي الله عنه في خطبته يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام  . 
لحم القطا : يابس يولد السوداء ويحبس الطبع وهو من شر الغذاء إلا أنه ينفع من الاستسقاء . 
لحم السمانى : حار يابس ينفع المفاصل ، ويضر بالكبد الحار ، ودفع مضرته بالخل والكسفرة ، وينبغي أن يجتنب من لحوم الطير ما كان في الآجام والمواضع العفنة ، ولحوم الطير كلها أسرع انهضاما من المواشي ، وأسرعها انهضاما ، أقلها غذاء ، وهي الرقاب والأجنحة ، وأدمغتها أحمد من أدمغة المواشي . 
الجراد : في " الصحيحين " : عن  عبد الله بن أبي أوفى  قال : ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد   ) . 
 [ ص: 352 ] وفي " المسند " عنه : ( أحلت لنا ميتتان ودمان   : الحوت والجراد ، والكبد والطحال  ) يروى مرفوعا وموقوفا على  ابن عمر  رضي الله عنه . 
وهو حار يابس قليل الغذاء ، وإدامة أكله تورث الهزال ، وإذا تبخر به نفع من تقطير البول وعسره ، وخصوصا للنساء ، ويتبخر به للبواسير وسمانه يشوى ويؤكل للسع العقرب ، وهو ضار لأصحاب الصرع ، رديء الخلط ، وفي إباحة ميتته بلا سبب قولان ، فالجمهور على حله ، وحرمه مالك ، ولا خلاف في إباحة ميتته إذا مات بسبب كالكبس والتحريق ونحوه . 
				
						
						
