الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وندب ) الوضوء ( إن لازم ) السلس ( أكثر ) الزمن وأولى نصفه لا إن عمه ومحل الندب في ملازمة الأكثر إن لم يشق ( لا إن شق ) الوضوء ببرد ونحوه فلا يندب فقوله وندب إلخ تفصيل في مفهوم قوله فارق أكثر ( وفي اعتبار الملازمة ) من دوام وكثرة ومساواة وقلة ( في وقت الصلاة ) خاصة وهو من الزوال إلى طلوع الشمس من اليوم الثاني ( أو ) اعتبارها ( مطلقا ) لا بقيد وقت الصلاة فيعتبر حتى من الطلوع إلى الزوال ( تردد ) للمتأخرين ( من مخرجيه ) متعلق بالخارج والضمير [ ص: 118 ] أحرز وصفا مقدرا وكأنه قال من مخرجيه المعتادين وخرج بهذا القيد ما إذا خرج الخارج المعتاد من غير المخرجين كما إذا خرج من الفم أو خرج بول من دبر أو ريح من قبل ولو قبل امرأة أو من ثقبة ، فإنه لا ينقض ولما كان في هذا تفصيل أشار له بقوله ( أو ) خرج من ( ثقبة تحت المعدة ) وهو موضع الطعام قبل انحداره للأمعاء فهي لنا بمنزلة الحوصلة للطير والكرش لغير الطير فالسرة مما تحت المعدة فينقض الخارج منها ( إن انسدا ) أي المخرجان بأن انقطع الخروج منهما ( وإلا ) بأن لم ينسدا بأن انفتحا أو أحدهما أو كانت الثقبة فوق المعدة أو في المعدة انسدا أو أحدهما أو انفتحا ( فقولان ) الراجح منهما عدم النقض وإنما اتفقوا على النقض فيما إذا كانت تحت المعدة وانسدا لأن الطعام لما انحدر إلى الأمعاء صار فضلة قطعا وصارت الثقبة التي تحتهما قائمة مقامهما عند انسدادهما ولا كذلك غير هذه الصورة

التالي السابق


( قوله : وندب الوضوء إن لازم السلس أكثر ) أي وندب أيضا اتصاله بالصلاة وهل يندب الاستنجاء منه أو لا يندب قولان كذا في عبق على العزية وتخصيصه الندب بالوضوء دون غسل الذكر من المذي يشعر بنفي غسله وهو قول سحنون قال : لأن النجاسة أخف من الحدث والحكم باستحباب الوضوء لا يقتضي استحباب غسل الذكر من النجاسة ; لأنها أخف واستحب سند في الطراز غسل الذكر من المذي الملازم لجل الزمان أو لنصفه ( قوله : لا إن عمه ) أي فلا يندب ; لأنه لا فائدة في الوضوء حينئذ ( قوله : لا إن شق ) عطف على مقدر أي وندب لازم أكثر إن لم يشق لا إن شق كما أشار لذلك الشارح بقوله ومحل إلخ .

( فرع ) إذا كان في جوفه علة أو كان شيخا كبيرا استنكحه الريح ، فإذا صلى من جلوس لا يخرج منه الريح وإن صلى قائما يخرج منه قال ح الظاهر ما قاله ابن بشير والأبياني من أنه يصلي قائما لا جالسا ولا يكون الريح ناقضا لوضوئه كالبول وكذلك من كان كلما تطهر بالماء أحدث بنقطة بول أو ريح ، فإنه يصلي بالوضوء ولا يكون الحدث ناقضا ; لأنه سلس عند ابن بشير واستظهره ح وقال اللخمي يتيمم والأحوط الجمع ( قوله : تفصيل في مفهوم قوله فارق أكثر ) أي فكأنه قال ، فإن لم يفارق أكثر بأن لازم كل الزمان أو نصفه أو جله فلا نقض لكن هذه الأحوال الثلاثة بعضها يستحب فيه الوضوء وهو ما إذا لازم أكثر الزمان أو نصفه وبعضها لا يستحب فيه الوضوء وهو ما إذا لازم كل الزمان ( قوله : وفي اعتبار الملازمة ) أي ملازمة الموجود من الحدث دائما أو جل الزمان أو نصفه أو أقله ( قوله تردد للمتأخرين ) المراد بهم هنا ابن جماعة والبوذري وهما من أشياخ مشايخ ابن عرفة فالقول الأول قول ابن جماعة واختاره ابن هارون وابن فرحون والشيخ عبد الله المنوفي والثاني : قول البوذري واختاره ابن عبد السلام والظاهر من القولين عند ابن عرفة أولهما وهذا التردد لعدم نص المتقدمين وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا فرضنا أن أوقات الصلاة مائتان وستون درجة وغير أوقاتها مائة درجة فأتاه السلس فيها وفي مائة من أوقات الصلاة فعلى الأول ينتقض وضوءه لمفارقته أكثر الزمان لا على الثاني لملازمته أكثر الزمان ، فإن لازمه وقت صلاة فقط نقض وصلاها قضاء كما أفتى به الناصر فيمن يطول به الاستبراء حتى يخرج الوقت وقال المنوفي إذا انضبط وقت إتيان السلس قدم تلك الصلاة أو أخرها فيجمعهما كأرباب الأعذار ( قوله : من مخرجيه ) الضمير للخارج المعتاد لا للشخص ولا للمتوضئ ; لأنه [ ص: 118 ] يقتضي أن كل ما خرج من مخرج الشخص يكون ناقضا وليس كذلك إذ الريح الخارج من القبل لا ينقض مع أنه خارج معتاد من مخرج الشخص المتوضئ ( قوله : أحرز وصفا إلخ ) أي قام مقامه لإفادته لمعناه ; لأن الإضافة للعهد فكأنه قال من مخرجي الخارج المعهودين أي المعتادين لذلك الخارج ( قوله : كما إذا خرج من الفم ) الذي ذكره العلامة العدوي في حاشيته على عبق أنه إذا خرج الحدث من الفم ، فإنه ينقض إذا انقطع خروجه من محله المعتاد رأسا .

وأما إذا لم ينقطع خروجه من محله رأسا وهذا صادق بثلاث صور ما إذا تساوى خروجه من محله المعتاد مع خروجه من الحلق وما إذا كان خروجه من محله المعتاد أكثر من خروجه من الحلق وعكسه فلا نقض في هذه الصور الثلاث وظاهر الشارح أنه لا نقض مطلقا وليس كذلك فإن قلت : مقتضى كون الخارج من الثقبة إذا كانت فوق المعدة لا ينقض على المعتمد ولو انسد المخرجان أن يكون الخارج من الفم كذلك ; لأنه بمثابة الثقبة المذكورة قلت أجيب بأن الفم عهد مخرجا للفضلة في الجملة بالنسبة للتمساح بخلاف الثقبة هذا وذكر عج أن قولهم إذا كانت الثقبة فوق المعدة وانسد المخرجان فلا نقض على الراجح محمول على ما إذا كان انسداد المخرجين في بعض الأوقات لا دائما أما إذا كان انسدادهما دائما فالنقض كالفم وحينئذ فلا إشكال ( قوله : ولما كان في هذا ) أي في خروج الحدث من الثقبة ( قوله : أو خرج ) أي الحدث وقوله من ثقبة أي من خرق ( قوله : فالسرة مما تحت المعدة ) أي وحينئذ فالمعدة من منخسف الصدر لفوق السرة ( قوله : وإلا بأن لم ينسدا ) أي والحال أن الثقبة تحت المعدة ( قوله : فقولان ) أي في هذه الأحوال الثمانية ( قوله : الراجح منهما عدم النقض ) أي وإن كان مقتضى النظر في انسداد أحدهما نقض خارجه منها وكل هذا ما لم يدم الانسداد وتعتاد الثقبة وإلا نقض الخارج منها ولو كانت فوق المعدة بالأولى من نقضهم بالفم إذا اعتيد كما مر ( قوله : وصارت الثقبة التي تحتهما ) أي تحت المعدة والأمعاء وقوله مقامهما أي المخرجين .




الخدمات العلمية