الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) ثانيها ( قيام لها ) أي لتكبيرة الإحرام في الفرض للقادر غير المسبوق فلا يجزي إيقاعها جالسا أو منحنيا ( إلا لمسبوق ) ابتدأها حال قيامه وأتمها حال الانحطاط أو بعده بلا فصل كثير ( فتأويلان ) في الاعتدال بالركعة وعدمه وهما جاريان فيمن نوى بتكبيره [ ص: 232 ] العقد أو هو والركوع أو لم ينوهما وأما إذا ابتدأه حال الانحطاط وأتمه فيه أو بعده بلا فصل فالركعة باطلة اتفاقا وأما الصلاة فصحيحة في القسمين فإن حصل فصل بطلت فيها فحق التعبير أن يقول إلا لمسبوق وفي الاعتداد بالركعة إن ابتدأه حال قيامه تأويلان وإلا فكلامه رحمه الله في غاية الإجمال ( وإنما يجزئ الله أكبر ) بتقديم الجلالة ومدها مدا طبيعيا بالعربية [ ص: 233 ] من غير فصل بينهما ولو بكلمة تعظيم فلا يجزي أكبر الله أو الله العظيم أكبر أو بمرادفها بالعربية أو العجمية ( فإن عجز ) عن النطق بها لخرس أو عجمة ( سقط ) التكبير عنه ككل فرض عجز عنه فإن أتى بمرادفه لم تبطل فيما يظهر فإن قدر على البعض أتى به إن كان له معنى .

التالي السابق


( قوله : في الفرض للقادر ) أي وأما في النفل فلا يجب القيام لها وكذا لا يجب في الفرض للعاجز عن القيام ( قوله : فلا يجزي إيقاعها ) أي في الفرض للقادر على القيام جالسا أو منحنيا أي ولا قائما مستند العماد بحيث لو أزيل العماد لسقط والمراد بالقيام في كلام المصنف القيام استقلالا ( قوله : ابتدأها ) أي تكبيرة الإحرام ( قوله : وأتمها حال الانحطاط أو بعده بلا فصل كثير ) بأن لا يكون هناك فصل أصلا أو يكون هناك فصل يسير فهذه أحوال ثلاثة .

( قوله : فتأويلان ) أي ففي فرضية القيام لتكبيرة الإحرام في حقه وعدم فرضيته تأويلان وسببهما قول المدونة قال مالك إن كبر المأموم للركوع ونوى به تكبيرة الإحرام أجزأه فقال ابن يونس وعبد الحق وصاحب المقدمات إنما يصح هذا إذا كبر للركوع من قيام وقال الباجي وابن بشير يصح وإن كبر وهو راكع لأن التكبير للركوع إنما يكون في حال الانحطاط فعلى التأويل الأول يجب القيام لتكبيرة الإحرام على المسبوق وهو المشهور وعلى الثاني يسقط عنه ثم إن عج ومن تبعه جعلوا ثمرة هذين التأويلين ترجع للاعتداد بالركعة وعدمه مع الجزم بصحة الصلاة وهو الذي يفهم مما في التوضيح عن ابن المواز ونحوه للمازري عنه وأما ح فجعل ثمرة التأويلين ترجع لصحة الصلاة وبطلانها وهو الذي يتبادر من المؤلف وكثير من الأئمة كأبي الحسن وغيره لكن ما ذكره عج أقوى [ ص: 232 ] مستندا انظر بن ( قوله : العقد ) أي الإحرام فقط وقوله : أو هو والركوع أو لم ينوهما أي فهذه تسع صور فيها الخلاف في الاعتداد بالركعة وعدم الاعتداد بها مع الجزم بصحة الصلاة على ما قاله عج وأما لو نوى بالتكبير مجرد الركوع بطلت صلاته وإن تمادى لحق الإمام وكذا يقال فيما يأتي .

( قوله : أو لم ينوهما ) أي لأنه إذا لم ينو شيئا انصرف للأصل وهو العقد ( قوله : وأما إذا ابتدأه ) أي التكبير ( قوله : أو بعده بلا فصل ) أي كثير بأن لا يكون هناك فصل أصلا أو كان فصل يسير فهذه ثلاثة أحوال الركعة فيها باطلة اتفاقا وسواء نوى في هذه الأحوال الثلاثة بالتكبير الإحرام فقط أو هو والركوع أو لم ينو شيئا فهذه تسع صور فيها الركعة باطلة اتفاقا والصلاة صحيحة ( قوله : في القسمين ) القسم الأول ما إذا ابتدأ التكبير في حالة القيام والقسم الثاني ما إذا ابتدأه حال الانحطاط وإنما صحت الصلاة مع عدم الاعتداد بالركعة التي وقع فيها الإحرام إما اتفاقا أو على أحد التأويلين مع أن عدم الاعتداد بها إنما هو للخلل الواقع في الإحرام فكان الواجب عدم صحة الصلاة للخلل الواقع في إحرامها بترك القيام له لأن الإحرام من أركان الصلاة لا من أركان الركعة لأنه لما حصل القيام في الركعة التالية لهذه الركعة فكان الإحرام حصل حال قيام تلك الركعة التالية فتكون أول صلاته فالشرط الذي هو القيام مقارن للمشروط وهو التكبير حكما وهذا بخلاف الركعة التي أحرم في ركوعها فإن الشرط لم يقارن فيها المشروط لا حقيقة ولا حكما لعدم وجوده كذا قال المازري قال المسناوي ولا يخفى ما فيه من البعد وقد يقال إنما حكموا بصحة الصلاة مراعاة لقول من يقول إن القيام لتكبيرة الإحرام غير فرض بالنسبة للمسبوق وعدم الاعتداد بالركعة إنما جاء للخلل في ركوعها حيث أدمج الفرضين الثاني في الأول قبل أن يفرغ منه لأنه شرع في الثاني قبل تمام التكبير وعلى هذا فالقيام للتكبير إنما وجب لأجل أن يصح له الركوع فتدرك الركعة ا هـ بن .

( قوله : فإن حصل فصل ) أي كثير بطلت أي الصلاة بتمامها فيهما أي في القسمين وتحت هذا صور ستة وذلك لأنه إما أن يبتدئ التكبير حالة القيام ويتمه بعد الانحطاط مع فصل كثير أو يبتدئه في حالة الانحطاط بعده مع الفصل الكثير وفي كل إما أن ينوي بالتكبير الإحرام فقط أو هو والركوع أو ولم ينو شيئا فهذه ستة فجملة صور المسألة أربعة وعشرون ( قوله : فحق التعبير إلخ ) فيه نظر لأن هذا يوهم أن القيام للإحرام ليس فرضا في حق المسبوق اتفاقا وأن التأويلين في الاعتداد بالركعة وعدم الاعتداد بها وليس كذلك بل التأويلان في فرضية القيام للمسبوق وعدم فرضيته له ويتفرع عليهما الاعتداد بالركعة وعدم الاعتداد بها على ما قال عج وصحة الصلاة وبطلانها على ما قال ح والأولى للشارح حذف هذا الكلام ( قوله : وإنما يجزئ الله أكبر ) لما كان معنى التكبير التعظيم فيوهم إجزاء كل ما دل على ذلك بين انحصار المجزي منه بقوله وإنما يجزئ إلخ أي إن المصلي لا يجزئه [ ص: 233 ] في تكبيرة الإحرام شيء من الألفاظ الدالة على التعظيم إلا لفظ الله أكبر لا غيره من الله أجل أو أعظم أو الكبير أو الأكبر للعمل ولأن المحل محل توقيف وقد قال عليه الصلاة والسلام { صلوا كما رأيتموني أصلي } ولم يرد أنه افتتح صلاته بغير هذه الكلمة ولا بها بغير العربية مع معرفته لسائر اللغات كما في شرح المواهب .

( قوله : من غير فصل بينهما ) قال عبق ولا يضر زيادة واو قبل أكبر خلافا للشافعية ا هـ وقد تعقب ذلك بعضهم بقوله الظاهر أنه مضر إذ لا يعطف الخبر على المبتدأ على أن اللفظ متعبد به ونحوه نقل عن المسناوي ا هـ بن نعم لا يضر إبدال الهمزة واوا ولو لغير العامة كإشباع الباء وتضعيف الراء على الظاهر في ذلك كله وأما نية أكبار جمع كبر وهو الطبل الكبير فكفر وليحذر من مد همزة الجلالة فيصير استفهاما كذا في المج ( قوله : أو بمرادفه بالعربية ) بأن يقول الذات الواجبة الوجود أكبر أو الله أعظم أو أجل وقوله : أو العجمية أي كخداي أكبر ( قوله : فإن عجز عن النطق ) أي بالتكبير بالعربية جملة ( قوله : سقط التكبير عنه ) أي ويكتفى منه بنية الدخول في الصلاة ولا يدخلها بمرادفه من لغة أخرى وكما يسقط عنه التكبير يسقط عنه القيام له على ما استظهره ابن ناجي ( قوله : فإن أتى ) أي العاجز عن الإتيان بها عربية وقوله : بمرادفه أي من لغة أخرى ( قوله : لم تبطل فيما يظهر ) أي قياسا على الدعاء بالعجمية ولو للقادر على العربية وقوله : لم تبطل فيما يظهر أي خلافا لما في عبق من البطلان ( قوله : إن كان له معنى ) أي لا يبطل الصلاة سواء دل على ذات الله كأن لم يقدر إلا على لفظ الله أو على صفة من صفاته مثل بر بمعنى محسن وأما إن دل على معنى يبطل الصلاة فإنه لا ينطق به مثل كبر أو كر وكذا إذا كان ما يقدر عليه لا يدل على معنى لكونه من الحروف المفردة ثم إن ما ذكره الشارح من التفصيل بقوله أتى به إن كان له معنى وإلا فلا يأتي به طريقة لعج وهي المعتمدة وقال الشيخ سالم إذا لم يقدر إلا على البعض فلا يأتي به وأطلق .




الخدمات العلمية