الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وسقوطها ) أي النجاسة على المصلي ( في صلاة ) ولو نفلا ( مبطل ) لها ويقطعها ولو مأموما إن استقرت عليه أو تعلق به شيء منها ولم تكن مما يعفى عنه ، وأن يتسع الوقت الذي هو فيه [ ص: 70 ] اختياريا أو ضروريا بأن يبقى منه ما يسع ولو ركعة وأن يجد لو قطع ما يزيلها به أو ثوبا آخر يلبسه وأن لا يكون ما فيه النجاسة محمولا لغيره وتجري هذه القيود الخمسة في قوله ( كذكرها ) أي النجاسة أو علمها ( فيها ) وهذا على أن إزالة النجاسة واجبة إن ذكر وقدر وأما على أنها سنة فلا تبطل بالسقوط أو الذكر فيها وكلام ابن مرزوق يدل على أنه الراجح ( لا ) إن ذكرها ( قبلها ) ثم نسيها عند الدخول فيها واستمر حتى فرغ منها فلا تبطل ولو تكرر الذكر والنسيان قبلها وإنما يعيد في الوقت ( أو كانت ) النجاسة ( أسفل نعل ) متعلقة به ( فخلعها ) أي النعل فلا تبطل ولو تحرك بحركته ما لم يرفع رجله بها فتبطل لحمله النجاسة ، ومفهومه أنه لو لم يخلعها بطلت حيث يلزم عليه حملها ، وذلك حال السجود وإلا فلا كمن صلى على جنازة أو إيماء قائما ولو دخل على ذلك عامدا هذا هو النقل ومفهوم أسفل أنها لو كانت أعلاه لبطلت ولو نزعها دون تحريك خلافا لظاهر قول المازري من علمها بنعله فأخرج رجله دون تحريكها صحت صلاته

التالي السابق


( قوله : وسقوطها في صلاة مبطل ) ما ذكره المصنف من البطلان تبع فيه ابن رشد في المقدمات وذكره ابن رشد في سماع موسى بن معاوية أيضا وفي المواق من نقل الباجي عن سحنون ما يفيده وحينئذ فيندفع اعتراض طفى على المصنف بأنه لا سلف له في التعبير بالبطلان والمدونة قد قالت : وإن سقطت عليه وهو في صلاة قطعها والقطع يؤذن بالانعقاد واختلفوا هل القطع وجوبا أو استحبابا انظر بن ( تنبيه ) موت الدابة وحبلها بوسطه كسقوط النجاسة عليه على الظاهر والمسألة محل نظر ( قوله : ولو مأموما ) أي ويستخلف الإمام إذا قطع ( قوله : إن استقرت عليه ) أي بأن كانت رطبة ولم تنحدر وحاصله أن الصلاة باطلة ويقطعها إن وجد ما ذكر من القيود الخمسة وهل ولو جمعة ورجحه سند أو الجمعة لا يقطعها لذلك قولان ، فإن تخلف واحد منها فلا يقطعها ويتمها وهي صحيحة ولا يعيدها بعد ذلك ( قوله : ولم تكن مما يعفى عنه ) وإلا لم يقطع لصحة الصلاة .

[ ص: 70 ] قوله : اختياريا أو ضروريا ) هذا هو الظاهر كما يدل له ما يأتي في الرعاف وتخصيص ح له بالضروري .

وأما الاختياري فإنه يقطع فيه مطلقا فيه نظر بن قال في المج وإذا تمادى لضيق الاختياري فلا يعيد في الضروري على الظاهر ; لأنه كالعاجز وكضيق الوقت ما لا يقضى كجنازة واستسقاء وعيد مع الإمام فلا يقطع ( قوله : بأن يبقى منه ) أي بعد إزالتها ( قوله : وأن لا يكون ما فيه النجاسة محمولا لغيره ) وإلا فلا يقطع لعدم بطلانها وذلك كما لو سقط ثوب شخص متنجس لابس له على مصل أو تعلق صبي نجس الثياب أو البدن بمصل ، والصبي مستقر بالأرض فالصلاة صحيحة على الظاهر خلافا لما ذكره بن من البطلان في الأولى قياسا على مسألة الخيمة المتقدمة وذلك ; لأن الخيمة محمولة للمصلي بخلاف الثوب النجس هنا ، فإنها محمولة لغيره ، ومحل صحة الصلاة فيهما إذا كان المصلي لم يسجد على تلك الثوب ولم يجلس عليها ، فإن جلس ولو ببعض أعضائه عليها أو سجد بطلت صلاته ( قوله : وتجري هذه القيود الخمسة ) أي ما عدا الأول وهو استقرارها عليه ; لأن الفرض هنا أنها مستقرة عليه ففي هذه المسألة أعني ما إذا ذكرها أو علمها فيها تكون صلاته باطلة ويقطع إذا وجدت الشروط الأربعة ، فإن تخلف واحد منها تمادى على صلاته ولا يعيدها لصحتها ( قوله : كذكرها فيها ) ظاهره سواء نسيها بعد الذكر أم لا وهو كذلك إذ بمجرد الذكر فيها تبطل على الأصح بناء على القول بوجوب الإزالة أفاده شيخنا ( قوله : أو علمها فيها ) شمل ذلك علمها في عمامته بعد أن سقطت أو في موضع سجوده بعد أن رفع منه وهو الأرجح وفاقا لفتوى ابن عرفة كما في ح وغيره

( تنبيه ) إذا علمها مأموم بإمامه أراه إياها ولا يمسها ، فإن بعد فوق الثلاث صفوف كلمه واستخلف الإمام ، فإن تبعه المأموم بعد الرؤية بطلت على المأموم أيضا ( قوله : وهذا ) أي ما ذكره المصنف من بطلان الصلاة في المسألتين ( قوله : فلا تبطل ) أي ويندب له إعادتها في الوقت وبعده على ما تقدم لعج وعلى ما للقرطبي يندب له الإعادة في الوقت فقط ( قوله : يدل على أنه ) أي القول بصحة الصلاة في المسألتين وعدم قطعها أصلا ( قوله : متعلقة به ) أي لرطوبتها وهو حال من اسم كان وهو النجاسة أي حالة كون النجاسة متعلقة بالنعل لرطوبتها ( قوله : فخلعها ) أي وهو يصلي بأن سل رجله من النعل من غير رفع للنعل ( قوله : ولو تحرك ) أي النعل بحركته حين سل رجله منها ; لأنها كالحصير وما ذكره هو المعتمد خلافا لمن قال وهو ابن قداح إذا تحركت بحركته حين سل رجله منها فإنها تبطل مثل ما إذا رفعها فالمعول عليه أن مدار البطلان على رفعها فإن رفعها بطلت وإلا فلا ولو تحركت بحركته ( قوله : ومفهومه أنه لو لم يخلعها ) أي بأن كمل صلاته بها ( قوله : حيث يلزم إلخ ) هذه الحيثية للتقييد أي إذا كان يلزم على عدم خلعها حملها ( قوله : وإلا فلا ) أي وإلا يلزم عليه حملها فلا تبطل كما إذا كان يصلي على جنازة أو يصلي بالإيماء وهو قائم أو كان يخلع رجله منها عند السجود ، ومثل ذلك ما لو وقف بنعل طاهرة على نجاسة جافة لم تتعلق بالنعل فلا تبطل صلاته إذا رفع نعله عند التذكر أو العلم ووضعها على أرض طاهرة وحمل بعض الشراح كلام المصنف على هذه الصورة وذكر أن النجاسة إذا كانت رطبة وتعلقت بأسفل النعل ، فإن الصلاة تبطل ; لأن النعل كالثوب سواء خلع النعل من رجله أم لا والحق ما قاله الشارح كما في طفى قال ابن ناجي والفرق بين النعل ينزعها فلا تبطل صلاته والثوب تبطل ولو طرحها أن الثوب حامل لها والنعل واقف عليها والنجاسة في أسفلها فهو كما لو بسط على النجاسة حائلا كثيفا ( قوله : ولو دخل على ذلك ) أي في مسألة الجنازة والإيماء وكذا في مسألة المصنف أيضا على المعتمد كما في طفى وسواء توانى بخلعها أم لا ( قوله : من علمها بنعله إلخ ) أي فإن ظاهره العموم كما إذا علمها بأعلاه [ ص: 71 ] أو بأسفله




الخدمات العلمية