الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وتارك ركوع ) سهوا ( يرجع ) له ( قائما ) لينحط له من قيام ( وندب ) له ( أن يقرأ ) شيئا من غير الفاتحة ليكون ركوعه عقب قراءة وتارك رفع من ركوع يرجع محدودبا حتى يصل للركوع ثم يرفع بنية الرفع وقيل يرجع له قائما لينحط للسجود من قيام ( و ) تارك ( سجدة ) ( يجلس ) ليأتي بها منه [ ص: 298 ] إن كانت الثانية فإن كانت الأولى فإنه ينحط لها من قيام ثم يأتي بالثانية ولو كان فعلها أولا بأن كان اعتقد أنه فعل الأولى ثم سجد بقصد الثانية ( لا ) تارك ( سجدتين ) ثم ذكرهما في قيامه فلا يجلس لهما بل ينحط لهما من قيام ( ولا يجبر ركوع أولاه ) المنسي سجدتاه ( بسجود ثانيته ) المنسي ركوعها لأنه فعلهما بنية الركعة الثانية فلا ينصرفان للأولى فإن ذكرهما جالسا أو ساجدا قام لينحط لهما من قيام وسجد بعد السلام فإن لم يفعل وسجدهما من جلوس فقد نقص الانحطاط فيسجد قبل السلام ذكره عبد الحق وهو يدل على أن الانحطاط للسجود ليس بواجب وإلا لم يجبر بالسجود ( وبطل ) ( بأربع سجدات ) تركها ( من أربع ركعات ) الركعات الثلاثة ( الأول ) لفوات تدارك إصلاح كل ركعة بعقد التي بعدها وتصير الرابعة أولى فيتداركها بأن يسجد سجدة [ ص: 299 ] إن لم يسلم وإلا بطلت

التالي السابق


( قوله وتارك ركوع سهوا ) أي تذكره قبل أن يعقد ركوع الركعة التالية لركعة النقص .

( قوله يرجع له قائما ) أي لأن الحركة للركن مقصودة وهذا إذا تذكره وهو في السجود أو وهو جالس أو رافع من السجود وأما إن تذكره وهو قائم فإنه يركع حالا وقوله يرجع قائما فلو خالف ورجع محدودبا لم تبطل صلاته مراعاة لمن قال إن تارك الركوع يرجع محدودبا لا قائما بناء على أن الحركة للركن غير مقصودة .

( قوله وندب له أن يقرأ شيئا ) أي قبل الانحطاط له .

( قوله من غير الفاتحة ) أي لا منها لأن تكريرها حرام ولا يرتكب لأجل تحصيل مندوب كذا قال شيخنا وظاهره أنه يقرأ السورة ولو كان في الأخيرتين والظاهر أن محل ندب قراءة السورة إن كان المحل لها وإلا فلا يقرأ شيئا أصلا وفي المج وعبق وندب قراءته من الفاتحة أو غيرها وكأنهم اغتفروا تكرار الفاتحة وقراءة السورة في الأخيرتين لضرورة أن شأن الركوع أن يعقب قراءة فتأمل .

( قوله يرجع محدودبا ) هذا قول محمد بن المواز فلو خالف ورجع قائما لم تبطل مراعاة للمقابل خلافا لما ذكره عبق من البطلان كذا قرر شيخنا العدوي .

( قوله وقيل يرجع له قائما ) أي كتارك الركوع وهو قول ابن حبيب فيقول أنه يرجع قائما بقصد الرفع من الركوع ثم يسجد بعد ذلك الرفع فكأنه رأى أن المقصود بالرفع من الركوع أن ينحط للسجود من قيام فإذا رجع إلى القيام وانحط منه إلى السجود فقد حصل المقصود واعلم أنه لا يقرأ على كل من القولين أما على قول محمد فلأنه يرجع محدودبا ولا قراءة في الركوع وأما على مقابله فلأنه يرجع قائما بقصد الرفع من الركوع ولا قراءة في القيام حينئذ .

( قوله وتارك سجدة ) أي سهوا تذكرها قبل عقد ركوع الركعة التي تلي ركعة النقص .

( قوله وسجدة ) عطف على ركوع [ ص: 298 ] وقوله يجلس عطف على قوله يرجع قائما فهو من باب العطف على معمولي عامل واحد وهو تارك لكن جهة المعمولية مختلفة لأن أحدهما عمل فيه بالإضافة والثاني عمل فيه بالخبرية وقد سبق أول الكتاب أن اختلاف الجهة هل ينزل منزلة اختلاف العامل أم لا ويصح أن يكون وسجدة مضافا لمحذوف أي وتارك سجدة فحذف وبقي المضاف إليه على حاله والشرط موجود وهو كون المحذوف مماثلا لما عطف عليه وعلى هذا فهو من عطف الجمل .

( قوله إن كانت الثانية ) أي إن كانت السجدة المتروكة الثانية فإن كانت الأولى فإنه ينحط إلخ فيه نظر إذ لا يتصور ترك الأولى وفعل الثانية لأن الفرض أنه أتى بسجدة واحدة وهي الأولى قطعا ولو جلس قبلها فجلوسه ملغي لوقوعه بغير محله ولا يصيرها الجلوس قبلها ثانية ولا فعله لها بقصد أنها ثانية وهو واضح ثم بعد هذا فاعلم أن تارك السجدة قيل إنه يرجع للجلوس مطلقا ويسجد وقيل إنه يرجع ساجدا مطلقا من غير جلوس بأن ينحط للسجدة من قيام بناء على أن الحركة للركن غير مقصودة وقيل إن كان جلس أولا قبل نهضته للقيام وبعد السجدة الأولى كما إذا سجد أولا وجلس بعد تلك السجدة ثم قام ولم يسجد الثانية فإنه لا يجلس بل يخر ساجدا بغير جلوس وإن كان لم يجلس قبل نهضته للقيام فإنه يجلس وهو مبني أيضا على أن الحركة للركن غير مقصودة والقول الأول لمالك في سماع أشهب وهو المعتمد والثاني رواه أشهب عن مالك والثالث ذكره عبد الحق والمصنف مشى على القول الأول وهو أن تارك السجدة يرجع جالسا مطلقا بناء على أن الحركة للركن مقصودة إذا علمت هذا تعلم أن قول التوضيح محل كون تارك السجدة يرجع جالسا إذا لم يكن جلس أولا وإلا خر ساجدا بغير جلوس اتفاقا فيه نظر لأن هذا قول مقابل للمعتمد فلا نسلم حكايته الاتفاق بقي شيء آخر وهو أنه على القول المعتمد من أن تارك السجدة يجلس لو خالف ورجع ساجدا من غير جلوس فاستظهر خش في كبيره البطلان لأن الجلوس بين السجدتين فرض قال شيخنا وقد يقال الظاهر الصحة مراعاة لما رواه أشهب من أن تارك السجدة يخر للسجود من قيام ولا يجلس ( قوله بل ينحط لهما من قيام ) فلو فعلهما من جلوس فلا بطلان ويسجد قبل السلام فالانحطاط لهما غير واجب كما في التوضيح و ح عن عبد الحق واعترض بأنه على المشهور من أن الحركة للركن مقصودة فالانحطاط لهما واجب فكيف يجبر بالسجود وعلى أنها غير مقصودة فليس بواجب ولا سنة وأجاب بعضهم بمثل ما مر في سلام النفل بأن مراعاة القول بأنها غير مقصودة صيرها كالسنة فلذا جبر بالسجود .

( قوله ولا يجبر ركوع أولاه إلخ ) أي أن الركوع الحاصل منه أولا لا يضم إلى سجود ثانيته بحيث يصير المجموع كله ركعة فأراد بالجبر الضم .

( قوله المنسي سجدتاه ) هذا الحل حل به حلولو وحل المواق بحل آخر حيث صوره بما إذا ترك سجدة فقط من الأولى وأتى بركوع وسجدة وترك الركوع من السجدة الثانية وسجد لها فلا يجبر الركوع في الأولى بشيء من سجود الثانية لأنه إنما فعله بقصد الثانية وسجد لها بل يأتي بسجدة يصلح بها الأولى ويبني عليها فالحكم في المسألتين واحد إلا أن حل حلولو هو المتبادر من المتن فالأنسب حمله عليه .

( قوله فإن ذكرهما ) أي سجدتي أولاه جالسا أو ساجدا إلخ أي وأما إن ذكرهما وهو قائم انحط لهما من ذلك القيام وسجد بعد السلام لزيادة السجدتين الواقعتين في الركعة الثانية .

( قوله لينحط لهما من قيام ) أي لأجل إصلاح الأولى لأن التدارك لا يفوت إلا بالركوع ولا ركوع هنا ( قوله فيتداركها بأن يسجد سجدة ) أي ثم يأتي بركعة بأم القرآن وسورة ويجلس [ ص: 299 ] ثم بركعتين بأم القرآن فقط ويسجد قبل السلام لأن معه زيادة وهي الركعات الأول الملغية ونقص السورة من الرابعة التي صارت أولى وكذا لو ترك الثمان سجدات أصلح ركوع الرابعة بسجدتين وبنى عليها وإنما ذكر المصنف هذه المسألة مع أنها مأخوذة مما تقدم له لدفع توهم بطلان الصلاة بتفاحش النقص أو لدفع توهم عدم فوات التدارك بركعة طرأ فيها فساد .

( قوله إن لم يسلم ) أي إن تذكر قبل أن يسلم .

( قوله وإلا بطلت ) أي لأن بالسلام فات تدارك الأخيرة وظاهره ولو كان الأمر بالقرب وفيه أنه إذا ترك ركنا من الأخيرة وسلم وكان الأمر بالقرب فإنه يبني والجواب أن القاعدة مفروضة فيما إذا كان بعض الركعات صحيحا لا إن كانت كلها باطلة كما هنا لأنه بمنزلة من زاد أربعا سهوا كذا في ح والشيخ سالم السنهوري ورده طفى بأن القواعد تقتضي عدم البطلان والبناء على الإحرام إن قرب ولم يخرج من المسجد وإن قول المصنف وبنى إن قرب ولم يخرج من المسجد كما يجري في بطلان بعض الركعات يجري في بطلان كلها وارتضاه شيخنا في حاشية عبق




الخدمات العلمية