استدلال آخر : قال بعض المجتهدين : يمكن أن يستدل لطهارة الشعر بالدباغ  بنفس الحديث ، وهو قوله : ( إذا دبغ الإهاب فقد طهر   ) ; لأن اسم الإهاب ينطلق على الجلد بشعره ، فيقال : هذا إهاب الميتة ، ولا يلزم أن يقال : هذا إهابها وشعرها ، وإذا انطلق الاسم عليه حصلت الطهارة قال : ومما يؤيده حديث  أبي الخير  قال : رأيت على  ابن وعلة  فروا فكلمته فيه ، فقال : سألت  عبد الله بن عباس  فقلت : إنا نكون بأرض المغرب  ، ومعنا البربر  والمجوس  نؤتى بالكبش قد ذبحوه ، ونحن لا نأكل ذبائحهم ، ونؤتى بالسقاء يجعلون فيه الودك ، فقال  ابن عباس     : قد سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : ( دباغه طهوره )   . 
وحديث  ثابت البناني  قال : كنت سابع سبعة مع  عبد الرحمن بن أبي ليلى  في المسجد فأتى شيخ ذو ضفرتين ، فقال : يا  أبا عيسى  ، حدثني حديث أبيك في الفراء ، فقال : حدثني أبي قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل ، فقال : يا رسول الله ، أنصلي في الفراء ؟ قال : فأين الدبغ ؟ فلما ولى ، قلت : من هذا ؟ قال : هذا  سويد بن غفلة     . 
قال هذا المجتهد المذكور : يمكن أن يستدل بالحديث على عدم نجاسة الشعور أصلا ورأسا بأن يجعل دليلا على مقدمة في الدليل ، وطريقه أن يقال : لو نجس الشعر بالموت ، لكان طاهرا بعد الدباغ ، لكن كان طاهرا قبل الدباغ ، فلا ينجس بالموت . 
بيان الملازمة أن الدباغ إنما يفيد الطهارة في ما له أثر ، ولا أثر للدباغ في الشعر ، فلا يفيد الطهارة ، وبيان أنه طاهر بعد الدباغ أن اسم الإهاب يطلق عليه بالشعر المتصل به ، فيقال : هذا إهاب الشاة مثلا ، ولا يلزم أن يقال : هذا إهابها وشعرها . 
فدل ذلك على إطلاق اسم الإهاب على الجلد بشعره ، وإذا انطلق عليه وجب أن يطهر لقوله عليه الصلاة والسلام : ( أيما إهاب دبغ فقد طهر   ) والاعتراض عليه يمنع الملازمة ، وقوله في تقريرها : إن الدباغ إنما يفيد الطهارة فيما له أثر يقال عليه : إنما يفيدها فيما له فيه أثر قصدا أو تبعا الأول مسلم صاحب الخادم : قال بعضهم : - كأنه يعني  البلقيني  وهو المختار من جهة لا سيما   [ ص: 24 ] وانطلاق لفظ الإهاب على الجميع . انتهى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					