مسألة : في حديث : " البيهقي " ما معناه من فطر صائما كان له أجر من عمله ؟
الجواب : كان خطر لي احتمالان : الأول أن معناه : فله أجر من عمل الصوم ، على حد قوله في الحديث الآخر : " " فالضمير في "عمله" راجع إلى الصوم المفهوم من صائم . الثاني أن يكون هذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم أول ما شرع هذا الحكم ، فأخبر الصحابة الذين بحضرته أن من عمل هذه الحسنة منهم فله أجر من عمل بها بعدهم إلى يوم القيامة ، على حد قوله في الحديث الآخر : " من فطر صائما فله مثل أجره فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، لا ينقص من أجورهم شيء سن سنة حسنة " ثم راجعت طرق الحديث فوجدتها تؤيد الاحتمال الأول ; فإن الحديث أخرجه من من طريق البيهقي عبد الحق بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن زيد بن خالد الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " وأخرجه أيضا من طريق من فطر صائما كان له أجر من عمله ، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئا ، ومن جهز غازيا أو خلفه في أهله كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا ، عن معقل بن عبيد الله عطاء ، عن زيد بن خالد مرفوعا : " " . وأخرجه من فطر صائما كان له مثل أجره لا ينقص من أجره شيئا ، ومن جهز غازيا في سبيل الله كان له مثل أجره لا ينقص من أجره شيئا من طريق الدارقطني عن ابن أبي ليلى عطاء عن زيد بن خالد [ ص: 419 ] مرفوعا : " ، أو فطر صائما ، فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئا جهز غازيا أو خلفه في أهله " . وأخرجه أيضا من طريق من ، عن ابن جريج عطاء ، عن زيد بن خالد مرفوعا : " " دلت هذه الطرق على أن مراد الحديث : فله مثل أجر من عمل الصوم ، لا مثل أجر من عمل تفطير الصائم ، وإن اللفظ الأول يجوز أن يكون من تغيير الرواة ، ويجوز أن يكون "من" فيه بمعنى " ما" ، والأصل : كان له أجر ما عمله وهو الصوم ، فالضمير في "عمله" راجع إلى "من" بمعنى "ما" من غير احتياج إلى التأويل السابق . من فطر صائما أو جهز غازيا فله مثل أجره
فإن قلت : فهل يجوز أن يقرأ : كان له أجر ، بالتنوين ، و : من عمله ، بالجر . قلت : لا ، لأمرين : أحدهما أن "من" إن قدرت تبعيضية والضمير راجع إلى الصائم كان منافيا لقوله في الرواية الأخرى : كان له مثل أجره ; فإنها تقتضي المثلية ، وتلك على التأويل المذكور تقتضي البعضية ، وإن قدرت تبعيضية والضمير للتفطير ، ففاسد كما لا يخفى . الثاني أنها إن قدرت سببية والضمير للصائم ، ففاسد كما لا يخفى ; لأن الإنسان لا يؤجر بسبب عمل غيره ، إنما يؤجر بسبب عمل نفسه ، أو للمفطر ، لم يصح اعتلاق ما بعده به ، وهو قوله : من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئا .