( فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين )
قوله تعالى : ( فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ) واعلم أن المعنى : هل ينتظرون إلا أياما مثل أيام الأمم الماضية ، والمراد أن الأنبياء المتقدمين عليهم السلام كانوا يتوعدون كفار زمانهم بمجيء أيام مشتملة على أنواع العذاب ، وهم كانوا يكذبون بها ويستعجلونها على سبيل السخرية ، وكذلك الكفار الذين كانوا في زمان الرسول عليه الصلاة والسلام هكذا كانوا يفعلون . ثم إنه تعالى أمره بأن يقول لهم : ( فانتظروا إني معكم من المنتظرين ) ، ثم إنه تعالى قال : ( ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا ) ، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ الكسائي في رواية نصير : " ننجي " خفيفة ، وقرأ الباقون مشددة ، وهما لغتان ، وكذلك في قوله : ( ننجي المؤمنين ) .
المسألة الثانية : (ثم) حرف عطف ، وتقدير الكلام كانت عادتنا فيما مضى أن نهلكهم سريعا ثم ننجي رسلنا .
[ ص: 137 ] المسألة الثالثة : لما أمر الرسول في الآية الأولى أن يوافق الكفار في انتظار العذاب ، ذكر التفصيل فقال : ، وأما العذاب لا ينزل إلا على الكفار . الرسول وأتباعه فهم أهل النجاة
ثم قال : ( كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قال صاحب " الكشاف " : أي مثل ذلك الإنجاء ننصر المؤمنين ونهلك المشركين ، و "حقا علينا" اعتراض ، يعني حق ذلك علينا حقا .
المسألة الثانية : قال القاضي : قوله : ( حقا علينا ) المراد به الوجوب ؛ لأن تخليص الرسول والمؤمنين من العذاب إلى الثواب واجب ، ولولاه لما حسن من الله تعالى أن يلزمهم الأفعال الشاقة ، وإذا ثبت وجوبه لهذا السبب جرى مجرى قضاء الدين للسبب المتقدم .
والجواب : أنا نقول : إنه حق بسبب الوعد والحكم ، ولا نقول : إنه حق بسبب الاستحقاق ؛ لما ثبت أن . العبد لا يستحق على خالقه شيئا