المسألة الرابعة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23فأتوا بسورة من مثله ) يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28880القرآن وما هو عليه من كونه سورا هو على حد ما أنزله الله تعالى ، بخلاف قول كثير من أهل الحديث : إنه نظم على هذا الترتيب في أيام
عثمان ، فلذلك صح التحدي مرة بسورة ومرة بكل القرآن .
المسألة الخامسة : اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=28741التحدي بالقرآن جاء على وجوه :
أحدها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى ) [ القصص : 49 ] .
وثانيها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) [ الإسراء : 88 ] .
وثالثها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ) [ هود : 13 ] .
ورابعها : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23فأتوا بسورة من مثله ) ونظير هذا كمن يتحدى صاحبه بتصنيفه فيقول : ائتني بمثله ، ائتني بنصفه ، ائتني بربعه ، ائتني بمسألة منه ، فإن هذا هو النهاية في التحدي وإزالة العذر .
فإن قيل : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23فأتوا بسورة من مثله ) يتناول سورة الكوثر ، وسورة العصر وسورة قل يا أيها الكافرون ، ونحن نعلم بالضرورة أن الإتيان بمثله أو بما يقرب منه ممكن ، فإن قلتم : إن الإتيان بأمثال هذه السور خارج عن مقدور البشر ، كان ذلك مكابرة ، والإقدام على أمثال هذه المكابرات مما يطرق التهمة إلى الدين . قلنا : فلهذا السبب اخترنا الطريق الثاني ، وقلنا : إن بلغت هذه السورة في الفصاحة إلى حد الإعجاز فقد حصل المقصود ، وإن لم يكن الأمر كذلك كان امتناعهم عن المعارضة مع شدة دواعيهم إلى توهين أمره معجزا . فعلى هذين
[ ص: 109 ] التقديرين يحصل المعجز .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28880الْقُرْآنَ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ سُوَرًا هُوَ عَلَى حَدِّ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، بِخِلَافِ قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ : إِنَّهُ نُظِمَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي أَيَّامِ
عُثْمَانَ ، فَلِذَلِكَ صَحَّ التَّحَدِّي مَرَّةً بِسُورَةٍ وَمَرَّةً بِكُلِّ الْقُرْآنِ .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28741التَّحَدِّيَ بِالْقُرْآنِ جَاءَ عَلَى وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=49فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى ) [ الْقَصَصِ : 49 ] .
وَثَانِيهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) [ الْإِسْرَاءِ : 88 ] .
وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ) [ هُودٍ : 13 ] .
وَرَابِعُهَا : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) وَنَظِيرُ هَذَا كَمَنَ يَتَحَدَّى صَاحِبَهُ بِتَصْنِيفِهِ فَيَقُولُ : ائْتِنِي بِمِثْلِهِ ، ائْتِنِي بِنِصْفِهِ ، ائْتِنِي بِرُبْعِهِ ، ائْتِنِي بِمَسْأَلَةٍ مِنْهُ ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي التَّحَدِّي وَإِزَالَةِ الْعُذْرِ .
فَإِنْ قِيلَ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=23فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) يَتَنَاوَلُ سُورَةَ الْكَوْثَرِ ، وَسُورَةَ الْعَصْرِ وَسُورَةَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِمَا يَقْرُبُ مِنْهُ مُمْكِنٌ ، فَإِنْ قُلْتُمْ : إِنَّ الْإِتْيَانَ بِأَمْثَالِ هَذِهِ السُّوَرِ خَارِجٌ عَنْ مَقْدُورِ الْبَشَرِ ، كَانَ ذَلِكَ مُكَابَرَةً ، وَالْإِقْدَامُ عَلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْمُكَابِرَاتِ مِمَّا يَطْرُقُ التُّهْمَةَ إِلَى الدِّينِ . قُلْنَا : فَلِهَذَا السَّبَبِ اخْتَرْنَا الطَّرِيقَ الثَّانِيَ ، وَقُلْنَا : إِنْ بَلَغَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي الْفَصَاحَةِ إِلَى حَدِّ الْإِعْجَازِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ امْتِنَاعُهُمْ عَنِ الْمُعَارَضَةِ مَعَ شِدَّةِ دَوَاعِيهِمْ إِلَى تَوْهِينِ أَمْرِهِ مُعْجِزًا . فَعَلَى هَذَيْنِ
[ ص: 109 ] التَّقْدِيرَيْنِ يَحْصُلُ الْمُعْجِزُ .