الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة السابعة ) : من الناس من قال : السمع أفضل من البصر ؛ لأن الله تعالى حيث ذكرهما قدم السمع على البصر ، والتقديم دليل على التفضيل ، ولأن السمع شرط النبوة بخلاف البصر ، ولذلك ما بعث رسولا أصم ، وقد كان فيهم من كان مبتلى بالعمى ، ولأن بالسمع تصل نتائج عقول البعض إلى البعض ، فالسمع كأنه سبب لاستكمال العقل بالمعارف ، والبصر لا يوقفك إلا على المحسوسات ، ولأن السمع متصرف في الجهات الست بخلاف البصر ، ولأن السمع متى بطل بطل النطق ، والبصر إذا بطل لم يبطل النطق . ومنهم من قدم البصر ؛ لأن آلة القوة الباصرة أشرف ، ولأن متعلق القوة الباصرة هو النور ، ومتعلق القوة السامعة الريح .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثامنة : قوله : ( ختم الله على قلوبهم ) يدل على أن محل العلم هو القلب . واستقصينا بيانه في قوله : ( نزل به الروح الأمين على قلبك ) [الشعراء : 193] في سورة الشعراء .

                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة التاسعة ) : قال صاحب الكشاف : البصر نور العين ، وهو ما يبصر به الرائي ويدرك المرئيات ، كما أن البصيرة نور القلب ، وهو ما يستبصر به ويتأمل ، فكأنهما جوهران لطيفان خلق الله تعالى فيهما آلتين للأبصار والاستبصار ، أقول : إن أصحابه من المعتزلة لا يرضون منه بهذا الكلام : وتحقيق القول في الإبصار يستدعي أبحاثا غامضة لا تليق بهذا الموضع .

                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة العاشرة ) : قرئ ( غشاوة ) بالكسر والنصب ، وغشاوة بالضم والرفع ، وغشاوة بالفتح والنصب ، وغشوة بالكسر والرفع ، وغشوة بالفتح والرفع والنصب ، وعشاوة بالعين غير المعجمة والرفع من العشا ، والغشاوة هي الغطاء ، ومنه الغاشية ، ومنه غشي عليه إذا زال عقله والغشيان كناية عن الجماع .

                                                                                                                                                                                                                                            ( المسألة الحادية عشرة ) : العذاب مثل النكال بناء ومعنى ؛ لأنك تقول أعذب عن الشيء إذا أمسك عنه ، كما تقول نكل عنه ، ومنه العذب ، لأنه يقمع العطش ويردعه بخلاف الملح فإنه يزيده ، ويدل عليه تسميتهم إياه نقاخا ، لأنه ينقخ العطش أي يكسره ، وفراتا لأنه يرفته عن القلب ، ثم اتسع فيه فسمي كل ألم [ ص: 50 ] فادح عذابا وإن لم يكن نكالا أي عقابا يرتدع به الجاني عن المعاودة ، والفرق بين العظيم الكبير : أن العظيم نقيض الحقير ، والكبير نقيض الصغير ، فكأن العظيم فوق الكبير ، كما أن الحقير دون الصغير ، ويستعملان في الجثث والأحداث جميعا ، تقول : رجل عظيم وكبير تريد جثته أو خطره ، ومعنى التنكير أن على أبصارهم نوعا من الأغطية غير ما يتعارفه الناس ، وهو غطاء التعامي عن آيات الله ، ولهم من بين الآلام العظام نوع عظيم لا يعلم كنهه إلا الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية