المسألة الثانية عشرة : الإرادة ماهية يجدها العاقل من نفسه ويدرك التفرقة البديهية بينها وبين علمه وقدرته وألمه ولذته . وإذا كان الأمر كذلك لم يكن تصور ماهيتها محتاجا إلى التعريف ، وقال المتكلمون : إنها صفة تقتضي رجحان أحد طرفي الجائز على الآخر لا في الوقوع بل في الإيقاع ، واحترزنا بهذا القيد الأخير عن القدرة ، واختلفوا في مع اتفاق المسلمين على إطلاق هذا اللفظ على الله تعالى ، فقال النجارية : إنه معنى سلبي ومعناه أنه غير مغلوب ولا مستكره ، ومنهم من قال : إنه أمر ثبوتي ، وهؤلاء اختلفوا ، فقال كونه تعالى مريدا الجاحظ والكعبي وأبو الحسن البصري : معناه علمه تعالى باشتمال الفعل على المصلحة أو المفسدة ، ويسمون هذا العلم بالداعي أو الصارف ، وقال أصحابنا وأبو علي وأبو هاشم وأتباعهما : إنه صفة زائدة على العلم ، ثم القسمة في تلك الصفة ، إما أن تكون ذاتية وهو القول الثاني للنجارية ، وإما أن تكون معنوية ، وذلك المعنى إما أن يكون قديما وهو قول الأشعرية ، أو محدثا وذلك المحدث إما أن يكون قائما بالله تعالى ، وهو قول الكرامية ، أو قائما بجسم آخر ، وهذا القول لم يقل به أحد ، أو يكون موجودا لا في محل ، وهو قول أبي علي وأبي هاشم وأتباعهما .
المسألة الثالثة عشرة : الضمير في " أنه الحق " للمثل أو لـ (أن يضرب) وفي قولهم : ماذا أراد الله بهذا ، استحقار ، كما قالت - رضي الله عنها - في عائشة : يا عجبا عبد الله بن عمرو بن العاص لابن عمرو هذا .