المسألة الثانية : اتفقوا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28661_28973قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28وكنتم أمواتا ) المراد به : وكنتم ترابا ونطفا ؛ لأن ابتداء
nindex.php?page=treesubj&link=31808_31982_31981خلق آدم من التراب وخلق سائر المكلفين من أولاده إلا
عيسى - عليه السلام - من النطف ، لكنهم اختلفوا في أن إطلاق اسم الميت على الجماد حقيقة أو مجاز ، والأكثرون على أنه مجاز ؛ لأنه شبه الموات بالميت وليس أحدهما من الآخر بسبيل لأن الميت ما يحل به الموت ولا بد وأن يكون بصفة من يجوز أن يكون حيا في العادة فيكون اللحمية والرطوبة ، وقال الأولون هو حقيقة فيه وهو مروي عن
قتادة ، قال : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله تعالى ثم أخرجهم ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ، ثم أحياهم بعد الموت . فهما حياتان وموتتان واحتجوا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2خلق الموت والحياة ) [ الملك : 2 ] والموت المقدم على الحياة هو كونه مواتا فدل على أن إطلاق الميت على الموات ثابت على سبيل الحقيقة والأول هو الأقرب ؛ لأنه يقال في الجماد : إنه موات ، وليس بميت ، فيشبه أن يكون استعمال أحدهما في الآخر على سبيل التشبيه ، قال
القفال : وهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) [ الإنسان : 1 ] ، فبين سبحانه وتعالى أن الإنسان كان لا شيء يذكر فجعله الله حيا وجعله سميعا بصيرا ، ومجازه من قولهم : فلان ميت الذكر . وهذا أمر ميت ، وهذه سلعة ميتة : إذا لم يكن لها طالب ولا ذاكر ، قال
المخبل السعدي :
وأحييت لي ذكري وما خاملا ولكن بعض الذكر أنبه من بعض
[ ص: 140 ] فكذا معنى الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28وكنتم أمواتا ) أي خاملين ولا ذكر لكم لأنكم لم تكونوا شيئا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28فأحياكم ) أي فجعلكم خلقا سميعا بصيرا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28661_28973قَوْلَهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا ) الْمُرَادُ بِهِ : وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَنُطَفًا ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ
nindex.php?page=treesubj&link=31808_31982_31981خَلْقِ آدَمَ مِنَ التُّرَابِ وَخُلِقَ سَائِرُ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ أَوْلَادِهِ إِلَّا
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنَ النُّطَفِ ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ إِطْلَاقَ اسْمِ الْمَيِّتِ عَلَى الْجَمَادِ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ ؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَ الْمَوَاتَ بِالْمَيِّتِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ بِسَبِيلٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مَا يَحِلُّ بِهِ الْمَوْتُ وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي الْعَادَةِ فَيَكُونُ اللَّحْمِيَّةُ وَالرُّطُوبَةُ ، وَقَالَ الْأَوَّلُونَ هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : كَانُوا أَمْوَاتًا فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ ثُمَّ أَمَاتَهُمُ الْمَوْتَةَ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ . فَهُمَا حَيَاتَانِ وَمَوْتَتَانِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ) [ الْمُلْكِ : 2 ] وَالْمَوْتُ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْحَيَاةِ هُوَ كَوْنُهُ مَوَاتًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِطْلَاقَ الْمَيِّتِ عَلَى الْمَوَاتِ ثَابِتٌ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَقْرَبُ ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْجَمَادِ : إِنَّهُ مَوَاتٌ ، وَلَيْسَ بِمَيِّتٍ ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ ، قَالَ
الْقَفَّالُ : وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ) [ الْإِنْسَانِ : 1 ] ، فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ الْإِنْسَانَ كَانَ لَا شَيْءَ يُذْكَرُ فَجَعَلَهُ اللَّهُ حَيًّا وَجَعَلَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ، وَمَجَازُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ : فُلَانٌ مَيِّتُ الذِّكْرِ . وَهَذَا أَمْرٌ مَيِّتٌ ، وَهَذِهِ سِلْعَةٌ مَيِّتَةٌ : إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا طَالِبٌ وَلَا ذَاكِرٌ ، قَالَ
الْمُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ :
وَأَحْيَيْتَ لِي ذِكْرِي وَمَا خَامِلًا وَلَكِنَّ بَعْضَ الذِّكْرِ أَنْبَهُ مِنْ بَعْضِ
[ ص: 140 ] فَكَذَا مَعْنَى الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا ) أَيْ خَامِلِينَ وَلَا ذِكْرَ لَكُمْ لِأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا شَيْئًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=28فَأَحْيَاكُمْ ) أَيْ فَجَعَلَكُمْ خَلْقًا سَمِيعًا بَصِيرًا .